انفلات البوح

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 408

تجتاحني المساءات المدوّية لتصبّ في أذني همسها المؤجّل، وتثير في عوالمي البسيطة اشتباكًا يثير الأرق، ويهزم الاطمئنان. أنا مختلف عن أقراني، أشعر بالوَحدة وأتجرّع الفراق في عوالم الانفصال، عانيتُ هذا الألم منذ نعومة أظفاري؛ لذا قرّرتُ أن أنفلت من جدران الصمت، وأجلس على طاولة الحوار؛ لأتداول بعضًا من قضاياي العالقة: أبي.. أمّي.. انفصلتما ولكن: 1ـ أنتما مَن قرّر ذلك ولستُ أنا، تذكّرا أنّني ابنكما أنتما الاثنان معًا، أحبّكما ولا أريد الابتعاد عنكما. 2ـ ساعداني من أجل تكوين علاقة طيّبة، ولقاءات متكرّرة في المناسبات، وقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أحدكما الذي لا أعيش معه وليترك لي رقم هاتفه حتى أتكلّم معه كلّما اشتقتُ إليه. ٣ـ لا تسألاني مَن منكما أحبّ أكثر، أحبّكما بالمقدار نفسه، فحاولا أن لا تشوّها صورتكما المقدّسة في مخيّلتي البريئة. 4ـ تصرّفا كراشدينِ مثقّفينِ، ولا تطلبا منّي نقل أخبار بعضكما إلى الآخر. 5 ـ لا تخلفا الموعد المقرّر للقائي بأحدكما الذي لا أعيش معه بذرائع واهية، فأنا بحاجة إلى قضاء بعض الوقت مع أمّي وبعضه الآخر مع أبي. 6 ـ لا تستاءا عندما أترك أحدكما للعيش مع الآخر، ولا تظنّا أنّي أقضي وقتًا عصيبًا عندما أبتعد، طبعًا أنا أتمنّى أن أعيش معكما أنتما الاثنان، ولكنّني لا أملك خيارًا آخر. 7ـ أمتلك بيتين على الرغم من أنّني أمتلك أمًّا وأبًا واحدًا لكنّهما منفصلان، لذا أضطرّ أن أعيش في مكانين. 8 ـ لا تتشاجرا أمامي عندما تأتيان لأخذي، تماسكا لدقائق فقط، فأنا أكنّ لكما الاحترام، ويؤذيني إهانة أحدكما الآخر. 9 ـ لا تحدّثاني عن أمور لا أستطيع دركها وفهم معناها، تستطيعان الحديث عن مشاكلكما مع بعض الأصدقاء والراشدين من عمركما، هذا التصرّف يجعلني متخبّطًا، ويصيبني بالكآبة. 10 ـ اسمحا لي أن أعرّفكما على أصدقائي المقرّبين، وأقول لهما بكلّ فخر هذا أبي، وهذه أمّي. 11ـ إن لم تتمكّنا من توفير احتياجاتي المادّية باهظة الثمن، فاشرحا لي ذلك، يهمّني اللعب معكما، والبقاء بجانبكما أكثر من كلّ شيء. 12ـ حدّدا لي مكانًا في بيتكما أضع فيه أغراضي، مثل بعض الألعاب والرسومات التي رسمناها سويًّا فيما مضى، هذا يؤكّد حبّكما لي، وعدم انفصالكما عنّي. 13ـ حافظا على علاقات طيّبة مع جدّي وجدّتي، فإنّهما الملاذ الآمن الوحيد بعدكما. أمّي.. أبي.. أشتاق إلى حضنكما الدافئ، ولا يكفيني نصف حنان، فالذي يتلظّى من العطش في الصحراء لا تكفيه جرعة واحدة من الماء، أحبّكما حدّ الهيام وأرجو لكما السعادة، وبتعاونكما سأتجاوز هذه الأزمة، وأتعايش مع حياتي الجديدة على الرغم من صعوباتها البالغة.