رياض الزهراء العدد 194 الملف التعليمي
لعبة العقل والارتقاء العلمي
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان على أحسن صورة وأجمل وجه، ومن عجائب خلقه تعالى العقل، فقد رُوي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "لمّا خلق الله العقل استنطقه...ثم قال له: وعزّتي وجلالي ما خلقتُ خلقًا هو أحبّ إليّ منكَ...إنّي إيّاكَ آمر، وإيّاكَ أنهى، وإيّاكَ أثيب"(1)، ومن الأخطاء الشائعة بين الناس أن يُقال إنّ الطالب الفلاني ذكيّ، والطالب الفلاني قليل الذكاء، والحقيقة أنّ جميع الخلق على مستوى واحد من الذكاء، لكن هناك الكثير من العوامل الخارجية والداخلية التي تؤدّي دورًا كبيرًا في تنشيط الدماغ أو خموله، فيظهر الشخص بأنّه ذكيّ، وهذا الذكاء يقوده إلى سهولة التعلّم ونيل درجات عالية، أو تأخّر تقدّمه، فيظهر الشخص كأنّه قليل الذكاء، فيتراجع في الدراسة. يجب أن نعلم أنّ العقل البشري متجدّد ومتحوّل، إذ إنّه يتغيّر بين الحين والآخر، وهذا ما أشارت إليه الدكتورة (سوزان غرينفليد)، إذ تقول: (مهما كانت المداخلات الخارجية التي يُغذّى بها دماغكَ في أيّ وقت من الأوقات، فإنّ تجربة تلك اللحظة بالذات ستعمل في الوقت نفسه على تغيير تنظيم خلايا الدماغ، وبالتالي طريقة تفكيركَ)(2)، وتدعم كلامها بقول الدكتور (براين كولب) وهو خبير رائد في النماء الدماغي، إذ يقول: (أيّ شيء يغيّر دماغكَ سيغيّر ما ستصير إليه، لا ينتج دماغكَ عن طريق جيناتكَ فحسب، بل يجري نحته بفعل عمر كامل من الخبرات، تعمل التجربة على تغيّر نشاط الدماغ، وهو ما يعمل على تغيّر التعبير الجينيّ، وأنّ أيّ تغيّرات سلوكية ستراها تعكس تغيّرات في الدماغ، والعكس صحيح أيضًا، فمن الممكن أن يغيّر السلوك الدماغ)(3). عزيزتي الطالبة، اجعلي عقلكِ لعبتكِ المفضّلة، وابحثي عن الأشياء التي ترتقي بعقلكِ وتزيد من نسبة ذكائكِ، ومن ثمّ نجاحكِ في كلّ مفاصل الحياة، ومن الأمور التي تزيد من القدرات العقلية هي الألعاب الرياضية، وحلّ المسائل الحسابية، والتغذية الجيّدة، واختيار الصديقة الجيّدة، ومن الجدير بالذكر أنّ للأهل النصيب الأكبر في زيادة هذه القدرات في أبنائهم عبر تهيئة الجوّ الهادئ المناسب لتربيتهم، ومصادقتهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتقليل ساعات استخدام الأجهزة الرقمية. ونختم بقول الدكتورة (شارون بيغلي): (يعيد الدماغ صنع نفسه طوال الحياة، وذلك استجابةً للمثيرات الخارجية لبيئته ولتجاربه)(4). ........................................................ (1)بحار الأنوار: ج1، ص ٩٦. (2)سوزان غرينفليد، تغيّر العقول: ص72. (3)المصدر نفسه. (4)المصدر نفسه.