رياض الزهراء العدد 194 طفلك مرآتك
هل سمعتم ماذا قالت الحروف لعلي؟
عاد علي من المدرسة ورمى حقيبته على سريره متثاقلًا منها، وبعد أن غير ثيابه وتناول طعامه وقبل يد أمه شاكرًا إياها على مذاق الطعام الطيب، عاد إلى غرفته مسرعًا، وبينما هو يفرغ حقيبته ليرتب جدوله وواجباته المدرسية، بدت عليه ملامح الكسل والضجر، لذا كل ما قام به هو نثرها على جانبيه، فقد وقعت عيناه على جهازه الإلكتروني، فنهض بنشاط ليفتحه وعاد ليجلس على سريره ليكمل لعبته المحببة إليه. وبينما هو منغمس في اللعب، سرح في عالم الخيال والمغامرة، فتراءى له خروج أحرف من إحدى تلك الكتب المُلقاة، التي بدأت تقفز على كتفه ويديه وعلى سطح جهازه، وبينما الدهشة قد أخذت منه مأخذًا، قال له أحد تلك الحروف وكان حرف (اللام): لا تقلق! ثم قال له حرف (السين): سنخبركَ لماذا نحن هنا؟ فالتفت علي إلى مصدر الصوت، فأكمل حرف (السين) مبتسمًا له: نحن هنا من أجلكَ، من أجل مستقبلكَ. ثم قال له (الألف) وهو حزين: أنتَ تحب هذه الألعاب أكثر منا، ونحن لن نخاصمكَ من أجل ذلك، إنما جئنا لنذكركَ بأن الذي صنع هذه الألعاب التي تحبها قد صنعها عن طريقنا. قال علي: وكيف عن طريقكم؟ قال حرف (الكاف): كان محبًا لنا، وتعلم العلوم عن طريقنا، ثم استطاع أن يبتكر ويصنع هذه الأشياء، وغيرها الكثير الكثير. ثم وقف حرف (العين) بعد أن كان جالسًا على إصبعه قائلًا بحزم: لابد يا صديقنا من أن نعرفكَ على هذه الحقيقة، فإن بقيتَ تلعب هذه الألعاب فقط، فإنكَ لن تحقق النجاح، ولن تكون مبتكرًا لمثل هذه الأشياء التي تحبها. ثم رددت الأحرف جميعها: تذكر أننا هنا من أجلكَ لتصبح ناجحًا ومتميزًا في المستقبل، فلا تتركنا مرة أخرى، وودعته وعادت إلى الكتاب. فانتبه علي وإذا به كان قد غفا بين الكتب وهو يلعب بجهازه، وما إن فتح عينيه جيدًا، وقع نظره على صفحة من ذلك الكتاب المفتوح، وعلى ذلك السطر الذي فيه قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبكَ الذِي خَلَقَ (العلق:1)، فلما قرأها نهض، فقد كان يتردد في ذهنه سرا أولها وختامها، وهما كلمتا (اقرأ، خَلَق)، وأدرك أن بلوغه للنجاح وأن يكون مبتكرًا وخَلاقًا بدايته القراءة والتعلم، وهنا غمرته البهجة بذلك الحلم الجميل، وكلمات تلك الأحرف اللطيفة، وهذه الآية الكريمة؛ فبدأ يرتب كتبه ليتم ما عليه من واجبات مدرسية، ليكون ما يحب في غده ومستقبله.