رياض الزهراء العدد 195 نور الأحكام
"...إِن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله..."
إنّ مَن يطّلع على الشريعة السمحة وما احتوته من أحكام تنظّم حياة الإنسان بكلّ تفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة، يعرف تمام المعرفة أنّ حياته لها المرتبة الأولى من الأهمّية عند الله تعالى، فالشريعة التي تنظّم للإنسان مأكله ومشربه ليكون بصحّة وعافية تعينه على أداء واجباته تجاه ربّه ومجتمعه، لن تغفل عن سنّ القوانين التي تحفظ حياته وتحقن دمه، وقد وردت في هذا الموضوع آيات وروايات بيّنت حرمة دم المسلم عند الله سبحانه وتعالى، فقال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)(المائدة:32)، وورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "لَزوال الدنيا أيسر عند الله من قتل رجل مؤمن"(1). وإلى جانب هذا التحذير الإلهي، وضعت الشريعة عقوبات رادعة لمَن يقتل مسلمًا أو يشارك في قتله، فكان لنا في القصاص حياة حقًّا، وقد لا يلتفت بعضهم إلى أنّ القتل لا يكون بالضرورة برفع السلاح بوجه الآخرين وقتلهم به، بل هناك مصاديق كثيرة تجعل من الإنسان قاتلًا من حيث لا يدري، منها عدم الالتزام بالقوانين المرورية، فقد يستهين الشخص بالإشارة المرورية ويتجاوزها، فيؤدّي ذلك التجاوز إلى إزهاق أرواح الأبرياء، أو يتصدّى لقيادة السيارة مَن لا يجيد القيادة، فيعرّض حياة الناس إلى الخطر، ولهذا نجد فقهاءنا قد حرّموا مخالفة القوانين؛ لأنّها تعرّض حياة الناس للخطر، وهذا ما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى تحت أيّ ظرف أو عنوان، فعن إمامنا الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "...إنّ أعتى الناس على الله مَن قتل غير قاتله، ومَن ضرب غير ضاربه...."(2). .................................................. (1)روضه الواعظين: ص461. (2)بحار الأنوار: ج27، ص ٦٥.