في رحاب الطفولة

دعاء فاضل الربيعيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 167

الأطفال هم نور الحياة الوهّاج، ومنبع البراءة، وهم الأمانة الإلهية التي أوصانا الباري تعالى برعايتها، والاهتمام بها جسديًا ونفسيًا، وتعزيز تكونيها الفكري والروحي معًا، ولأنّ الطفل يكتسب المهارات الحياتية مبكّرًا في أثناء اللعب والتفاعل مع مَن حوله، فلابدّ من الالتفات إلى ما يُطرح أمامه، والحرص على إيجاد ما يطوّر شخصيته، وينمّي مهاراته، ويعزّز القِيم الإسلامية لديه. ولضمان سلامة الطفل من التلوّث بالأفكار السلبية، حرصت إذاعة (الرياحين) المنبثقة من المنبع الصافي والرقراق العذب، منهل العلم والمعرفة أبي الفضل العبّاس (سلام الله تعالى عليه) على تقديم البرامج التوعوية والتثقيفية الهادفة التي تروّض الفكر، وتنمّي العقل، وتبثّ ثقافة إسلامية محمّدية أصيلة في نفوس أولادنا وفلذّات أكبادنا. كانت لنا زيارة لإذاعة (الرياحين)، التقينا في أثنائها بالملاكات التي تعمل جاهدةً لخدمة الطفل المسلم، وأول حديثنا كان مع مسؤولة شعبة الإذاعة السيّدة فاطمة عبّاس الموسويّ، سألناها عن تاريخ تأسيس إذاعة الرياحين، وهدفها العام الذي سعت إلى تحقيقه، ولماذا اختارت شعار (صوت الطفل المسلم)؟ وأجابتنا بالقول: بعد النجاح الباهر الذي حقّقته (إذاعة الكفيل صوت المرأة المسلمة) ومنبر الكلمة الملهمة، كان لابدّ من وجود رافد زاخر آخر يُعنى باللبنة الأساس التي يستند عليها المجتمع الرصين، فكانت انطلاقة (إذاعة الرياحين صوت الطفل المسلم) ورافد معرفته الأصيل، المنطلق أثيرها عبر تردّدات إذاعة الكفيل في شهر ربيع الأول من عام (١٤٣٢هـ)، تحت شعار: (صوت الطفل المسلم) لما للطفولة من أهمّية في ترسيخ المبادئ الإيمانية، والقِيم التي تمتدّ من الجذور حتى تتبرعم شجرةً راسخةً تؤتي أُكلها في مستقبل وضّاء يطبّق قِيم الإسلام السمحة. دخلت إذاعة الرياحين قلوب مستمعيها الصغار قبل آذانهم لما تقدّمه من برامج هادفة، تنوّعت بين البرامج التسجيلية والمباشرة، تحمل في طيّاتها حكمة، وقصّة، ومعلومة بطابع تشويقي محبّب، بما يتناسب مع فئات الأطفال العمرية، ولا تزال هناك طموحات مستقبلية، ورؤىً تطويرية لإغناء البثّ، وتوسيع المَدَيات لأبعد مدى في المحافظات؛ بُغية نشر فكر تربوي هادف فعّال في خضمّ واقع معاصر تبدّدت فيه القِيم، وأخذ يهدّد واقع الطفولة، ومستقبل الأجيال، فنحن ماضون ببركة صاحب اللواء، ورعاية القائمين والداعمين؛ لننهض بواقع إعلام رصين يحمل أمانة بناء الجيل، ويهدي إلى سواء السبيل. ثم توجّهنا إلى وحدة الإعداد والتقديم، وكان لنا لقاء مع مسؤولة الوحدة السيّدة بلسم... الربيعي، فسألناها عن نوعية البرامج التي تُقدّم لهذه الفئة المهمّة من فئات المجتمع، وهل يُراعى التنوّع في الطرح لمواكبة التطوّر الحاصل في الحياة؟ فأجابت: إذاعة الرياحين مثلما هو معروف هي الإذاعة الوحيدة المتخصّصة بتنمية الطفل المسلم وتربيته وتهذيبه، لذلك تنوّعت برامجها منذ تأسيسها وإلى الآن، إذ انبثقت مجموعة من البرامج التربوية والاجتماعية والأخلاقية، حتى الفقهية البسيطة التي تختصّ بمراحل الطفولة حتى الفتوة بأسلوب إذاعي مميّز، وملاكات مثابرة، من تقديم فتيات لا يتجاوز عمرهنَّ (12) عامًا، يعملنَ كالنحل، ليقدّمنَ برامج ببثّ مباشر أو مسجّل. وكانت لنا وقفة مميّزة مع الملاكات الشابة والمتألّقة في وحدة الإعداد والتقديم، إذ توجّهنا إليهنَّ بالأسئلة الآتية: كيف وجدتم تفاعل الأطفال مع برامج الإذاعة، بخاصّة المباشِرة؟ وهل هناك استقطاب للمواهب الفتيّة من المستمعين الصغار؟ وكيف وجدتم التقديم الإذاعي، بخاصّة عندما يكون المتلقّي أو المستمع فتيًا ويستقبل كلّ معلومة تُطرح بدقّة؟ أجابت منار صاحب/ معدّة ومُقدِّمة برنامج (طبّ على الهواء): في البرامج المباشرة يكون تفاعل الأطفال جيّدًا، بخاصّة في فقرة المسابقات؛ لأنّها تبثّ روح التنافس بينهم، فيكون تفاعلهم فيها ممتازًا، أمّا الفقرات الحوارية والتعليمية، فالتفاعل لا بأس به، وهناك مُداخلات لطيفة من قِبل الأطفال، ودائمًا تحاول المسؤولة عن إعداد البرنامج تنظيم فقرات بهياكل جديدة تجذب الأطفال. بينما أوضحت فواطم محسن/ معدّة ومقدّمة برنامج (رياض الكفيل): أنّ إذاعة الرياحين تقوم باستقطاب الأطفال ذوي المواهب منذ سنوات، فقد كانت مُحدّثتكم أحد مستمعي إذاعة الرياحين، ثم بعد ذلك تمّت استضافتي، ثم عُرِض عليّ الانضمام إلى ملاك إذاعة الرياحين بصفة مُعدّة ومُقدّمة برامج، وقد كان ذلك من دواعي الشكر لله تعالى أن حظيت بخيرات المولى أبي الفضل العبّاس (سلام الله عليه)، نعم بعض الرياحين يملكون أصواتًا لطيفةً، ولديهم مهارة التحكّم بأصواتهم؛ لذلك نستثمر موهبتهم في تسجيل مقاطع صوتية معهم تُبثّ في برامجنا المباشرة، أو أنّهم يشاركون بأداء أدوار محدّدة في مختلف البرامج التسجيلية الخاصّة بإذاعة الرياحين وهم كُثُر، منهم الريحانة (مهجة) والريحانة (زُها). وأجابت المقدّمة ومعدة برنامج (براعم المودّة) زاهدة حيدر قائلة: نظرًا لأهمّية الرسالة الملقاة على عاتقنا، وسعينا لإيصالها إلى الفئة المخاطبة بالشكل السليم، نجد أنّنا بصفتنا مقدّمي برامج إذاعية خاصّة بالطفل أمام مَهمّة كبيرة، تتمحور عن كيفية إحياء النصّ الإذاعي؛ للوصول إلى ذهنية الطفل، ومناغاة فكره، ودغدغة مشاعره؛ ليتمّ دفع المستمع إلى إكمال الاستماع للنصّ المقروء، وهذا يتطلّب منّا أن نكون على معرفة وفهم للفكرة التي سنعمل على نقلها إلى المتلقّي الصغير، بخاصّة مع انعدام الصورة والتركيز على الصوت فقط، وهذا يجعل عملنا فيه نوع من الصعوبة من حيث تبسيط المفردات للطفل، وبطء الإلقاء، وأن تكون عباراتنا والأفكار التي نطرحها عبر القوالب الإذاعية واضحة، بحيث تتناسب مع ذهنية الأطفال واستيعابهم، والحمد لله تعالى نجد أنّنا قطعنا شوطًا جيدًا في مجال عملنا، وهذا واضح عن طريق التفاعل المستمرّ من قِبل الأطفال والناشئة، مع ما نقدّمه عبر دوراتنا الإذاعية المختلفة. ختام اللقاء كان مع مسؤولة وَحدة الإخراج (سرى عبد الزهرة المسلماني)، سؤالنا لها كان: بالطبع لوَحدة الإخراج لمسة وذوق خاصّ في تقديم الفقرات للصغار، ولابدّ من أن تكون الفواصل ذات طابع مميّز حتى تلقى قبولًا لدى المستمعين الصغار، لذا حدثينا هو عن آلية عمل وحدة الإخراج في إذاعة الرياحين، فبيّنت: منذ انطلاقتها الأولى، تلك الانطلاقة والإشراقة التي لامست قلوب الصغار قبل أسماعهم، سعت إذاعة (الرياحين صوت الطفل المسلم) إلى وضع ثقافتها الرصينة في المُضي قُدمًا نحو الارتقاء ببرامج منوّعة تسهم في تصحيح المفاهيم، والإرشاد إلى الطريق القويم، ونحن ملاكات وَحدة الإخراج نعمل ونسعى بجهد جاهد لتضمنين كلّ ما هو جديد من مؤثرات ومقتطفات؛ ليخرج النصّ مشوّقًا، وأقرب إلى آذان المستمعين الصغار؛ ليتماشى مع فئاتهم العمرية وقابلياتهم الإدراكية، ملاكاتنا ماضية في خطّها الإعلامي الرصين برؤىً إخراجية تكمّل جمال المادّة النصّية، وتُضفي عليها لمسات فنّية؛ لتصل إلى الأسماع بما يتناسب مع قيمنا الإيمانية، ولنا في المستقبل ـ إن شاء الله ـ طموحات في انتقاء أصوات كفوءة تنقل صوت الطفل المسلم إلى أبعد مدى، ولنا رؤى إخراجية متقدّمة تخاطب هذا الجيل الذي يتخبّط في أمواج الإعلام الزائف؛ لتأخذ بيده عن طريق الصوت المؤثّر، والذوق الفنّي المثمر إلى برّ الأمان. ختامًا، إنّ مرحلة الطفولة هي مرحلة عمرية مهمّة، ولابدّ من أن تكون مليئة باللعب والتعلّم في آن واحد، ومن هذا المنطلق حرصت إذاعة الرياحين على الجمع بين الاثنين؛ لتوفّر بيئة تعليمية وترفيهية للمستمعين الصغار عن طريق برامجها المباشرة والتسجيلية، وهذا الأمر ساعد كثيرًا على حيازتها المكان الأسمى في قلوب الصغار، وانتظارهم بتلهّف متابعتها عند صبيحة كلّ جمعة.