ابنتي والزواج

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 132

بنيّتي العزيزة: يا ربيع ذكرياتي، وكلّ حياتي، بالأمس كنتُ ألاطفكِ وأنتِ تلعبين في باحة المنزل، وها أنا أراكِ اليوم عروسًا تليق بأفضل رجل. كبرتِ يا عزيزتي، ومرّ العمر سريعًا كأنّه مجموعة صور لا تزال تحمل معها صدى ضحكاتكِ، وبراءة ملامحكِ. اعلمي يا ثمرة عمري أنّ الزواج رباط مقدّس، والزوج رفيق درب مؤنس، هو شريك العمر والحياة، والاختيار الصحيح أساس التوفيق والنجاة، فلا تقعي ضحيّة الأسماء والعناوين والاعتبارات، ولا يهتزّ قلبكِ لتصفيفة شعر، أو ارتداء زيّ من أفخر العلامات التجارية، ولا تضطربي لبعض الكلمات المعسولة، فهذه لن تجلب لكِ السعادة لاحقًا، ولن تبني حياة مستقرّة، فالأساس يا بنتي في نجاح الأسرة هو زوج صالح، خلوق، نقيّ القلب والسيرة، يقدّر قدسية الحياة الزوجية، ويبحث عمّن تشاطره المسؤولية، وتشاركه رحلة العمر لبناء أسرة جديرة بالألطاف الربّانية، التي رصدها سبحانه لمَن أسّس بنيانها على تقواه، وابتغى رضوان مولاه، لاسيّما إن اتُّخذ من خير بيت أُسّس في الإسلام منارًا، وجُعلت سيرة رموزه منهاجًا وشعارًا، ففي زواج النورين: مولاتنا الزهراء ومولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) عِبر ودروس لكلّ زوجينِ مؤمنينِ يريدان تأسيس بيت دافئ، وبناء أسرة صالحة تبتغي رضوان الله جلّ في علاه، وتكون مشروع تمهيد لظهور الإمام المهديّ ـ أرواحنا فداه ـ ومن هنا أوصيكِ بحُسن الاختيار، والتأنّي في اتّخاذ القرار؛ كي تنعم أسرتكِ بالهناء والاستقرار، ولا يطالها ما حييتِ التصدّع والانهيار، وليكن همّكِ زوجًا صالحًا يقدّر قيمتكِ، ويعرف مكانتكِ، ويحفظ عفّتكِ، ويؤمّن لكِ حياة كريمة، ويحثّكِ على الخير والاستقامة، فإنسان كهذا يستحقّ منكِ كلّ الخير والإحسان، فلا تتردّدي في تيسير مهركِ، وقلّة طلباتكِ، فبذلك تنالين خير دنياكِ وآخرتكِ، ولتكن مولاتكِ الزهراء (عليها السلام) قدوتكِ، فتعلّمي منها كيف تؤسّسين حياتكِ، وكيف تتعاملين مع شريك عمركِ. كوني أنيسة زوجكِ ومصدر أمانه، وستحظين بحبّه وتقديره وحنانه، واجعلي كلمة مولاكِ أمير المؤمنين (عليه السلام) ترنّ في أسماعكِ وهو يصف حياته مع السيّدة الزهراء (عليها السلام) قائلًا: "...ولقد كنتُ أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان"(1). تلك هي أمّنا وقدوتنا ومَثَلنا الأعلى يا غاليتي، وعلينا الاقتداء بها، والسير على دربها، واتّباع خطاها، فاحرصي ـ رعاكِ ربّي ـ على قراءة سيرتها، والتتلمذ في مدرستها، والنهل من نميرها حتى الارتواء من عذب معينها، وبناء حياتكِ على أساس نهجها وهداها؛ لتفوزي برضاها، وتسعدي في حياتكِ الزوجية التي أُسّست على بركة الاقتداء بها (صلوات الله عليها). ................................................... (1)بحار الأنوار: ج43، ص١٣٤.