رياض الزهراء العدد 195 تنمية البشرية
توفيقات إلهية
جهد ومثابرة وإصرار على النجاح تحت ظلالٍ من الإخلاص والشغف اللامتناهي لتقديم الأفضل، هذه بعض صفات الشخصية الناجحة المتألّقة أينما حلّت، فمَن يمتلك ما سبق ذكره يكن جاذبًا للأضواء، ولافتًا للأنظار، وتجد مَن يسارع بالقول بنبرة تنمّ عن عدم الرضا: أجل، إنّها توفيقات إلهية! كأنّه يريد أن يسلب بذل الجهد والتفاني في العمل عن ذلك الشخص، بل قد يتمادى بعضهم ويتلفّظ بكلمة نسمعها كثيرًا وهي: ضربة حظّ! ربّما لا يعلم أنّه بصورة أو بأخرى يوقع نفسه في دائرة التقصير، وعدم السعي لنيل النجاح المرجوّ. أجل، هي توفيقات إلهية، يختصّ الله سبحانه وتعالى بها مَن يشاء من عباده، كالبذور التي تذروها الرياح في كلّ حدب وصوب، فمنها ما يقع على أرض بور لا تصلح للزراعة، فتذهب هباءً منثورًا، ومنها ما يصل إلى تربة صالحة تتلقّفها أيّما تلقّف، وتلفّها بكلّ اهتمام ودفء؛ لتنمو وتخضرّ وتشتدّ ساقها، وعندما يحين الوقت تجدها تزهر وتثمر، فيستفيد منها القاصي والداني. من هنا نجد أنّه لابدّ من وجود الأساس المتين، والأرضية الخصبة حتى يرى النجاحُ النورَ، ويشعّ وينير الطريق لمَن حوله، فلابدّ للأسرة من تبنّي أهداف واضحة المعالم، وأن تحمل مسؤولية بناء اللَبنات الصالحة في المجتمع، وتكون لها نظرة مستقبلية بعيدة المدى، متعدّدة الاتجاهات، تستقي عذب أفكارها من معين المعصومين (عليهم السلام) الذي لا ينضب أبدًا، وبهذا تكون من أمتن الركائز والدعائم التي لا تؤثر فيها أيّ ريح مهما كانت عاتية. ونعرّج على بعض النقاط المهمّة لصقل الشخصية الناجحة، مثل إتاحة الفرصة لأفراد الأسرة بالتعبير عن آرائهم ومشاعرهم؛ لتعزيز الجيّد منها، والتعرّف على نقاط الضعف؛ لتقويمها قبل تراكم النقاط البسيطة، ومن ثم يكون الترميم بالغ الصعوبة، مثلما أنّ تكليف الأفراد بالأعمال المناسبة لكلّ مرحلة عمرية هو من أبرز الخطوات في طريق النجاح، حتى لا تنمو لديهم صفة الاتّكالية، وما أصعب أن يكون رجل المستقبل اتّكاليًا، فيغيب عندها دوره الأساسي في البيت والمجتمع، وتقع المسؤولية على جهة واحدة، فتصل إلى مرحلة من الانهيار عاجلًا أم آجلًا. إن أردنا بناء شخصية متميّزة متألّقة، فيجب علينا أن نفتح باب الإبداع، ونسمح لسيل الأفكار أن ينهمر، فنتلقّف كنوز الابتكار بعيدًا عن تأطير الأفكار، وتفاديًا للسبات والخمول الفكري، بل على العكس تمامًا نسعى إلى تنشيط التميّز، ونحتضن الغرس الجديد في بيئة صالحة للنموّ السليم؛ كي ننال بعضًا من التوفيقات الإلهية، فتنمو شجرة الخير ويسعد الجميع بظلّها الوارف.