رياض الزهراء العدد 78 نبي الرحمة
نُورُ الهِدَاية
أشرقت شمس من البادية للأنام هادية.. نورها أضاء أوكار بالية عشعش فيها الشيطان سنين خالية، للمشركين كانت ملاذاً وحامية، بنى فيها الشرك قلاعاً حصينة عالية ظنّاً منهم أن بنيانهم لا يزول وتبقى عروشهم على ما هي، ولمّا لاح النور أبت الأرض إلّا أن تهتز مستبشرة لتحطم ما بناه الكفرة، وتبلع آثارهم بين ثناياها شاكرة لله الذي اختارها لبيته مقاماً ولأنبيائه ورسله مستقراً، كان هذا نور محمد (صلى الله عليه وآله) شمس الهداية، وانشق من نوره أقمارهم من بعده آية تُنير عتمة الظلام، وتستمد من علم محمد(صلى الله عليه وآله)نور الهداية، أقماراً جعلها لنا دليلاً في كلّ عصر، فلم يترك الأرض خالية من مرشد ليكونوا حجة الله على عباده، فصاروا للزهاد مناراً يهدون الناس للخير باسم الولاية لحيدرة الكرار (عليه السلام) حامل الراية، راية محمد (صلى الله عليه وآله) في كفّه اعتلت وناخت تحتها كلّ طاغية، وتوالت من بعده لبنيه ذوي العصمة أقمار للحقّ هادية أوجب الله علينا طاعتهم بنصّ في كتاب الله لا افتراء ولا كناية، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. فالإنسان بلا دين كصحراء لا نبت فيها ولا ماء، يتخبط فوق رمالها الجرداء وتشق عليه الخطوات بثبات ويستغيث للنجاة، فوسعت رحمة ربّي ليتفجر الماء من بين الصخر والتراب في واحات هي قرى ظاهرة في صحراء قاحلة، يلجأ إليها العبد الصالح ويتمسك بحبالها التي امتدت لكلّ عبد أوّاب. وتجلّى الرحمن في مَن اختصه بالعصمة ليكون إماماً لزمانه يدعو الناس للخير والرشاد، ويثبت الآيات والأحكام ويقيم العدل الإلهي على الأرض؛ لذا جعل الله أئمتنا خير سند، كتابه بأيديهم في مأمن يرتّلونه ويفسرون آياته بعلم محمد (صلى الله عليه وآله)، ووصيته أوصى بها في خطبة الوداع والله يشهد لولاية علي (عليه السلام) ليحمي دين الله من كلّ فاسد ومارد، وأبت شخوص كان الإسلام بألسنتهم يتردد وقلوبهم خالية من دين محمد (صلى الله عليه وآله) ما إن غاب نوره انقلبوا كأن لا نبيّ مرسل ولا وحي تردد، قلوبهم قاسية للشيطان تبقى آنية، يرتع فيها ويحلّ حراماً ويحرّم حلالاً، وهذا عهد قطعه مع الله أن يكون للإنسان غاوياً. ويبقى أمر الله نافذاً لأهل الخير حافظاً يدلّهم على أقمارٍ هي لهم واعظ، وآخر الأقمار هو إمامنا صاحب العصر والزمان، غاب عنّا بأمر الله وقد قال: "أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم" ونحن بعده نتخبط في البيداء بين الشعارات والهتافات، والكلّ يدعي أنه مع الحقّ في عصر تزاحمت فيه الفتاوى والآراء، فأين المطيع لأمر مولاه المخالف لهواه الذي يعمل بكتاب الله وسنة نبيّه ونهج الأئمة من بعده، ذاك الذي إن وجدناه اتبعناه بقلوب مطمئنة ونفوس راضية حتى نلاقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) راضياً عنّا ونستظل تحت لوائه شاكرين لله على هدايته، وحسن العاقبة للمتقين.