قرابين صنعت الانتصار

فاطمة صاحب العواديّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 310

بعدما انتهت من تعليق جدارية المجلس الحسيني، وقفت تردّد العبارة: (أنا لا أنسى الحسين...) وعيناها تفيض بالدموع، فالحزن على الحسين (عليه السلام) متجدّد، وذكراه لا تنتهي. ـ أمّ زهراء: إنّها من علامات الإيمان، فقد ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "إنّ لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تخمد إلى يوم القيامة"(1). ـ أمّ حسين: أجل، لكنّه يختلف عن غيره من الآلام والأحزان، فهو يجلو البصر، وينقّي النفس، فالنهضة الحسينية لها أبعاد نفسية عميقة. ـ أمّ عليّ: من أسباب بقائها وتجدّدها أنّ كلّ أبطالها يحملون أنفسًا زكيّة، تأبى الذلّ والظلم والفساد؛ لذلك بلغت من الرقيّ والسموّ ما شاء الله تعالى لها. ـ أمّ زهراء: الأجيال على اختلاف الزمان والظروف وجدت في الحسين (عليه السلام) ونهضته منارًا تهتدي به، وأنموذجًا جديرًا بأن يُحتذى به. ـ أمّ جواد: هذا أكيد، حيث إنّ النهضة الحسينية قامت على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الفساد، وهذا ما لا يستغني عنه أيّ مجتمع. ـ أمّ حسين: وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الحقبة التي عاشها الإمام الحسين (عليه السلام) وما آلت إليه حياة الأمة بعدما تسنّمت الفئة الطاغية كرسي الحكم، فعاثت في الأرض الفساد وغيّرت أحكام الشريعة الغرّاء، فكان لابدّ من وجود صوت صادق يصرخ في وجه الطغيان. ـ أمّ جعفر: وكان لابدّ من تضحيات لا يقوى عليها إلّا آل محمّد (صلوات الله عليهم) الذين جعلوا من أنفسهم قرابين فداءً للدين، ومعهم الجماعة الثابتة على النهج القويم. ـ أمّ عليّ: لقد أعطت هذه الجماعة أروع صور الفداء والثبات وأسماها. ـ أمّ زهراء: روحي فداكَ يا حسين، ما أعظم صبركَ وأنتَ تقدّم الضحايا من أهلكَ وصحبكَ الأبرار. ـ أمّ عليّ: وإذا كانت التضحيات عظيمة، من قتل الأطفال الرُضَّع وسبي النساء، فهي لم تذهب هدرًا، فكلّ تكبير وكلّ صوت يرفض الظلم والفساد، ما هو إلّا من ثمار تلك الشجرة التي تؤتي أكلها كلّ حين. ـ أمّ جواد: وبما أنّنا نعيش ذكرى عاشوراء، فعلينا أن نجعلها منهاجًا في حياتنا، فمقاومة الفساد والظلم لا يتحدّد بزمن معيّن أو مجتمع معيّن. ـ أمّ زهراء: أجل، فلو تركنا هذا الواجب، فسينهار المجتمع وتكون الغلبة لأهل الطغيان والفجور، وهذا ما يأباه ديننا وأهل البيت الأطهار (عليهم السلام). ................................................................................................ (1)مستدرك الوسائل: ج10، ص318.