رياض الزهراء العدد 196 ركائز الإيمان
(ولا تقف ما ليس لك به علم...)
ـ خديجة: بعد الحديث عن مراتب سوء الظنّ، يمكننا أن نقسّم سوء الظنّ إلى ثلاثة أقسام: أولًا: سوء الظنّ الذي يتجسّد في أفعال الشخص وكلماته وأقواله، وهذا القسم حرام. ثانيًا: سوء الظنّ الذي لا يظهر أثره خارجًا، ويمكن للشخص إزالته عن طريق التفكير السليم وبواسطة إزالة مقدّماته الخارجية، فهذا النوع من سوء الظنّ يُحتمل أن يكون مشمولًا لأدلّة الحرمة. ثالثًا: سوء الظنّ الذي لا يترتّب عليه أثر خارجي، وهو خارج تمامًا عن دائرة اختيار الإنسان وإرادته، ولا يمكن إزالته بشتّى الوسائل، فمثل هذا الظنّ السيّئ لا يكون مشمولًا بالتكاليف الشرعية مادام الإنسان لم يرتّب عليه أثرًا معيّنًا، وقد قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (الإسراء:36)، ففي هذه المرحلة يجب التوجّه إلى المبادئ الحاكمة في دائرة علاج الأمراض الأخلاقية والرذائل النفسية، وأهمّها التفكّر في الآثار السلبية والعواقب الوخيمة لسوء الظنّ؛ لأنّه عندما يتفكّر الإنسان في عواقب ذلك، وكيف أنّه يتلف رأس المال الاجتماعي بين أفراد البشر ويسلب الثقة من بينهم، والاعتماد المتقابل، ويربك الهدوء والاستقرار في مفاصل المجتمع، ويتسبّب في خسارة الإنسان لأصدقائه وأحبّائه، ويقوده إلى ارتكاب الظلم والعدوان في حقّ الآخرين، فحينئذٍ سوف يبتعد عن هذه الرذيلة الأخلاقية بدون صعوبة. ومن جهة أخرى فإنّه كلّما تحرّك الإنسان لقطع جذور هذه الرذيلة وقلع أسبابها من مواقع النفس، فسوف تنتهي وتزول عنه هذه الرذيلة. ـ زينب: ويمكن أن أضيف بعض الأمور التي يمكنها أن تساعد الإنسان على تفادي هذه الحالة السّلبية، منها: 1ـ البحث عن الاحتمالات الحَسنة في تبرير سلوكيات الآخرين المبهمة التي قد تورث سوء الظنّ، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "لا تَظُنَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءًا وَأَنتَ تَجِدُ لَها فِي الخَيرِ مَحمَلًا"(1)، فمن الواضح أنّ الكثير من الأعمال والسلوكيات الصادرة عن الأشخاص تقبل التبرير السليم والحمل على الصحّة. 2ـ أن يبتعد الإنسان عن التجسّس على حياة الآخرين. 3ـ أن لا يرتّب أثرًا عمليًّا على سوء ظنّه. ـ رقيّة: لا شكّ في أنّ الالتفات إلى العقوبات الإلهية الأخروية والآثار المعنوية السلبية لهذه الرذيلة الأخلاقية التي سبقت الإشارة إليها، له أثر قوي أيضًا في الوقاية من الابتلاء بهذا المرض المعنوي(2). يتبع... ............................... (1)ميزان الحكمة: ج ٢، ص ١٧٨٤. (2) راجع: الأخلاق في القرآن: ج3، ص304-303.