رياض الزهراء العدد 196 نافذة على المجتمع
الفردوس ومساحاتها الخضراء
أطلّ الفجر من جديد، واخترقت الشمس السحب ونشرت أشعّتها لتُغذّي الحقول والأحياء، رفرفت الطيور بأجنحتها مبتدئةً يومها، وخرج النمل يتدفّق لإكمال عمله اليومي، الناس ما بين نائم ومَن يستعدّ للخروج إلى عمله. وصلت (دعاء) وزميلاتها إلى مكان عملهنَّ، وأخذت كلّ واحدة منهنَّ الشروع بمهامّها، وبعد مرور الوقت جلسنَ ليسترحنَ قليلًا، فتحدّثنَ عمّا سيفعلنَ، وفي أثناء الحديث تذكّرنَ صديقتهنَّ (هناء)، وقالت إحداهنَّ للأخرى: عادت هناء من سفرها، فمتى سنذهب لرؤيتها؟ اتّفقنَ على أن يقمنَ بزيارتها في المساء، فاستعلمنَ حالها وأخبرنَها بوقت زيارتهنَّ لها. حلّ المساء واجتمعنَ في الوقت المحدّد، وذهبنَ ليرحّبنَ بعودة صديقتهنَّ. رحّبت (هناء) بصديقاتها وفرحت بزيارتهنَّ، وجلسنَ يتسامرنَ، فسألنَها عن أجواء سفرتها، وفي أثناء حديثها وصفت لهنَّ الأماكن وأعربت عن إعجابها بالطبيعة التي جمّلت المكان، وقالت: يا للأسف، لا يوجد في بلادنا ذلك الاهتمام بالطبيعة والمساحات الخضراء. ـ فقالت دعاء: ومَن قال لكِ ذلك؟ بل هناك مزارع جميلة أنشأتها العتبة العبّاسية المقدّسة، تعمل على الاهتمام بها واستمرارها. ـ هناء: لم أسمع بها من قبلُ! ـ دعاء: إذن هذه دعوة منّي لكُنَّ لنزور غدًا إحدى المزارع لتتعرّفنَ عليها. ـ هتف الجميع: حسنًا، نحن موافقات. اجتمعنَ في اليوم التالي ليذهبنَ إلى زيارة تلك المزارع. ـ دعاء: عزيزاتي، سنذهب اليوم إلى مشروع (مزرعة الفردوس)، وسترينَ كيف يعمل بها المعنيّون، وسيتحدّث لنا مدير المشروع المهندس (حيدر الدهّان) عن المشروع. ـ الجميع: جميل جدًا، هيّا بنا. ـ دعاء: السلام عليكم، مرحبًا أستاذ، جئنا اليوم لنتعرّف على مشروع (مزرعة الفردوس)، فهلّا تفضّلتَ علينا ببعض الوقت لتحدّثنا عنه. ـ المهندس حيدر الدهّان: وعليكم السلام ورحمة الله، أهلًا وسهلًا بكم، على الرحب والسعة. ـ دعاء: حدّثنا عن المزرعة وما تحتويه، وما تقدّمه، وما تقومون به؟ ـ الدهّان: بتحدٍّ هو الأول من نوعه، نجحت ملاكات العتبة العبّاسية المقدّسة بزراعة البطاطا الصناعية في الصحراء على بعد (21كم) جنوب غرب كربلاء بعد أن كانت تقتصر على المحافظات الشمالية فقط، وفي غضون أقلّ من (3) سنوات، تحوّلت الصحراء إلى مساحات خضراء مثمرة ومنتجة، فمزرعة الفردوس التي تقع غرب كربلاء على طريق قضاء (عين التمر)، تبلغ مساحتها (1180) دونمًا، وتعتمد على نظام الريّ بالتنقيط والمرشّات المحورية، وهي أنظمة متّبعة لترشيد استهلاك المياه في مزارع (الفردوس) و(الساقي)، ومصدر مياهها الآبار، وتُعنى بزراعة المحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير، إضافة إلى المحاصيل الصناعية الداخلة في الصناعات الغذائية، وأيضًا قمنا بزراعة أحزمة خضراء بطول (10كم). ومن أهدافها: الاستخدام الأمثل للموارد المائية والطاقة الكهربائية عَبر استخدام الوسائل الحديثة والطاقة الشمسية؛ للحفاظ على الأمن الغذائي، وزيادة المحاصيل الصناعية والعلفية. ويبلغ عدد العاملين فيها (٣٥) شخصًا، من مهندسين، وفنّيين، ومزارعين، وسائقي الآليّات، والحرس. وتعمل الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة على تدريب الملاكات وتشغيل الأيدي العاملة؛ لتقدّم أنموذجًا لمشروع صُمِّم ونُفّذ بأيادٍ عراقية؛ كي يكون أنموذجًا إرشاديًا لانطلاق المشاريع الأخرى التي يُراد إنشاؤها في المنطقة، فضلًا عن أثره البيئي المهمّ، فالمشروع أسهم بتشغيل الأيدي العاملة، وتشجيع فرص الاستثمار، فهذا المشروع له علاقة بالتنمية المستدامة التي تمضي بها الأمم المتّحدة. ـ دعاء: جزيل الشكر لكم على هذه المعلومات التي أسعدتنا، وبارك الله بجهودكم.