ابنتي والشكوى

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 142

بنيّتي الغالية: يا مَن تشبهين في براءتكِ الفراشات، وفي حنانكِ قلوب الأمّهات الحانيات، يا تحفة الوهّاب لقلبي، ويا نورًا أضاء دربي، وملأ حياتي بألطاف ربّي، اعلمي عزيزتي أنّ الدنيا دار بلاء وعناء، واختبار وادّخار، وأنّ الله تعالى على كلّ شيء قدير، فمهما طرأت على حياتكِ التغيّرات، وواجهتكِ في رحلتكِ العقبات والصعوبات، واعترضت مسيرتكِ التحدّيات والمشكلات، فعليكِ بالهدوء والاطمئنان، لا تشتكي ولا تبكي، بل فوّضي الأمر إلى الرحمن، فربّ الخلق لا يقدّر لعباده إلّا ما فيه صلاحهم، وهو أرأف بهم من آبائهم وأمّهاتهم، وتيقّني أنّ مع كلّ بلاء رخاءً، وبعد المرض شفاءً، وعند العسر يسرًا، فبهذا التأمّل والتفكّر تضمنين النجاة من تشتّت القلب وضياع الفكر، وتقطّع النفس حسرات على آلام قريبة وقعت، أو آمال بعيدة غابت، هنا سيطمئنّ القلب، وتهدأ النفس، ويستوطن الرضا الروح، فلا يهتزّ إيمانكِ لأيّ بلوى، ولا يألف لسانكِ التذمّر والشكوى. قد تتعبكِ الدراسة الأكاديمية، وتثقلكِ الحياة بأكثر من مَهمّة ومسؤولية، فأقول لكِ يا نور عين أمّكِ: هوّني عليكِ، وكافحي لتصلي إلى مُناكِ، واستعيني في كلّ خطواتكِ بمولاكِ، لا تقطّبي جبينكِ، ولا تديمي النظر إلى النصف الفارغ من كأس ظرفكِ، ولا تستنزفي طاقتكِ بكثرة تململكِ وتذمّركِ، ولا تكوني أسيرة التفكير التشاؤمي، فتعطّلين بذلك حسّكِ الإبداعي، ابتعدي عن العادات السلبية التي يعاني منها الكثير، ممّن باتوا أسارى النظرة السوداوية، فالمؤمن يا غاليتي يأخذ بالأسباب، ويعتمد على خالقها، فإن أفلح سعيه شكر، وإن خاب وخسر ذكر واستغفر، ثم جلس دارسًا ومتفحّصًا مواطن الخلل، ومواضع العلل؛ ليضع خطّة جديدة أفضل، توصله إلى أهدافه بإذن الله (عزّ وجلّ). انهضي يا نور عيني بعد كلّ كبوة، وواصلي طريق العلم والمعرفة، واطلبي الكمال في كلّ خطوة، واتّخذي من سيرة العلماء أسوةً وقدوةً. فكّري دائمًا في الحلّ لا في المشكلة، فلو ذاكرتِ ونسيتِ في قاعة الامتحان، فتلك ليست هي المعضلة، بل المعضلة أن تتشاءمي وتنعتي نفسكِ بالفاشلة. ابحثي عن طرق أخرى للمذاكرة الصحيحة، وانتهجي السبل السليمة، واستعيني بأهل الخبرة والكفاءة، ليدلّوكِ على المخرج ممّا أنتِ فيه، وواصلي وتفاءلي، وانظري لكلّ ما يجري في حياتكِ على أنّه رسالة جميلة تحمل الكثير من الهِبات. تخلّصي من كلّ شعور سلبي يرهقكِ عبر الشكوى إلى خالقكِ، ولا تسمحي لعقبات الحياة أن تمنعكِ من إظهار أجمل ما عندكِ، واعلمي أنّ إمام زمانكِ ينتظركِ، فاستعدي لاستقباله بعلمكِ ووعيكِ وحُسن سيرتكِ، ولتكن لكِ هويّتكِ وبصمتكِ التي تدلّ على صدق انتظاركِ.