رياض الزهراء العدد 196 الحشد المقدس
الحشد ودوره في الدفاع عن أَرض الوطن
عندما يكون الهدف هو حماية أرض الوطن، فسيهون كلّ شيء، وتتساقط المسمّيات، وتحيا الألفة والمحبّة وروح الجماعة، وتتكاتف الأيدي والسواعد، ويهرول الشيخ الكبير، والولد الفتي، والرجل الصلب لمقاتلة أعداء الإنسانية. هذه الصورة تجسّدت في استجابة أبطال الحشد الشعبي للواجب المقدّس حين هبّوا لحماية أرض الوطن التي دُنّست، والأعراض التي هُتكت، والأنفس التي أُزهقت على أيدي عصابات الكفر والفسوق، عصابات داعش المظلمة التي أعادت إلى الأذهان مجازر التتر والمغول والعهود المظلمة، لكن شجاعة الأبطال صرعت الكفر والطغيان، وهدّمت أسوارهم من قبل أن تُبنى، وبعثرت جمعهم بقلب يحمل في طيّاته إيمانًا عميقًا، وشجاعةً كبيرةً؛ ليجتمعوا تحت لواء المرجعية الدينية العليا لينقذوا بأرواحهم ودمائهم الزكيّة براءة طفل، ويستجيبوا لصرخة أنثى تخشى على شرفها، ويدفنوا رؤوسًا أُقيم عليها الحدّ الظالم، ويقتلوا شبح الموت الذي خيّم على مناطق شاسعة من البلاد. لقد كانوا بحقٍّ الحصن الحصين، والسدّ المنيع الذي أوقف السيل العارم من الدماء البريئة، ليسجّل التاريخ لهم أجمل السطور والملاحم، قصص الإيثار والتضحية؛ ليلتحق مَن استُشهد منهم بركب الإمام الحسين (عليه السلام) والشهداء والصدّيقين، تاركين أبناءهم ونساءهم وأحبّتهم؛ لينالوا شرف الشهادة. إمامهم الحسين (عليه السلام) الذي وجدوه معلّمهم الكبير وقدوتهم الذي اهتدوا به، والنور الذي ملأ قلوبهم بالإيمان، فنرى الطالب الجامعي، والموظّف، والمهندس، والطبيب، والرجل المسنّ كلّهم سواسية، يقاتلون في صفّ واحد، يلهجون بالدعاء بأن ينالوا شرف الشهادة التي لا ينالها إلّا ذو حظّ عظيم، فبُوركت أرواحهم أينما حلّت وبُوركت الأرض التي دُفنوا فيها.