رياض الزهراء العدد 91 همسات روحية
شَكوَى عَلَى أَبٍ
سؤالي حول أبي الذي يعكر لي معيشتي، ويغرس دابر الفشل في كياني، ماذا أفعل حيال هذا الأمر؟ أبارك لكم الهمّة في طرح المشكلة علينا، وهذه علامة الإيمان والرغبة في التكامل، فلو أنّ العباد طرحوا أمورهم على إخوانهم المؤمنين لفُتحت عليهم أبواب من الرحمة، فإنّ طبيعة المبتلى هو أن لا يرى طريق الصواب؛ وذلك لأن التشويش الذي يحكم وجوده يجعله لا يفكر بما يفتح له الأقفال!.. ومن المناسب أن أقول هنا بأنني كعبد لا أتحمل أن أرى أخاً من إخواني يسألني شيئاً فلا أجيبه، فكيف بأرحم الراحمين ومن هو أقرب إلينا من حبل الوريد!! الرد: أدعوكم إلى برّ الأب مهما بلغ الأمر، فإنّ الفخر كلّ الفخر هو في تحمل أب لا يرتاح إليه الإنسان؛ لأن هذا هو معنى التقرب إلى الله تعالى، فلو أنّ الإنسان قام ببرّ والد يستحق البرّ، فمن الممكن أن يكون ذلك رداً للجميل، بخلاف ما لو لم يكن هناك أيّ موجب من موجبات الإحسان، بل كان هناك ما يوجب عكس الإحسان، فإنه من الممكن أن ينسب العبد في هذه الحالة حركته إلى الله تعالى. ولا شك أنّ الله تعالى سيعوّض لكم بعض الخسائر التي وقعتم فيها من جهة ضياع العمر ببركة هذا الصبر، فإنّ كلّ ذلك بعين الله تعالى، وهو المدرك لكلّ فوت. واعلم أخيراً أنه لا ينبغي إهمال هذه الحقيقة: إنه لا جبر ولا تفويض ولكنْ أمر بين الأمرين، والله تعالى وإن جعل الجوارح تابعة لإرادة العبد إلّا أنه تعالى لم يسلب من نفسه حقّ التدخل في الجوانح والإلقاء في الروع، تثبيتاً للفؤاد، وإدخالاً للرعب، وما شابه ذلك مما ورد ذكره في القرآن الكريم.