الحب الإلهِي

الشيخ حبيب الكاظمي
عدد المشاهدات : 194

مضمون السؤال: ما موجبات تعميق الحبّ الإلهي؟ وكيف يمكن للإنسان المؤمن أن يجمع بين الحبّ الإلهي والحبّ الفطري للزوجة والأولاد؟ مضمون الردّ: إنّ تحقيق الحبّ الإلهي في النفس ليس بالأمر الهيّن، فالأمر يحتاج إلى قابلية ولياقة، وإجمالًا هذا الأمر العظيم له منشآن محدّدان وواضحان، هما: الأول: العمل بما أراده الله تعالى أمرًا ونهيًا. الثاني: ذكره تعالى ذكرًا مستوعبًا لحركة الحياة. فالذي يطيع ولا يعصي، ويكثر من ذكره سبحانه في آناء ليله وأطراف نهاره، يجرّه ذلك إلى الحبّ الإلهي، والذي لا يطيع ويعصي، فلا شكّ في أنّه بعيد كلّ البعد، والذي يطيع ولا يعصي، ولكن لا يذكر ربّه كثيرًا مثلما أمر الله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (الأنفال:45)، فهذا أيضًا قد لا يصل إلى هذه المرحلة، فلابدّ من الطاعة والذكر. إنّ مهارة السائر إلى الله تعالى تتجلّى في قدرته على الجمع بين الحبّ الإلهي والحبّ الفطري للزوجة والأولاد، فما عليه أن يقوم به هو أن يضفي على الحبّ الفطري للزوجة والأولاد حبًّا إلهيًا، لا أن يستخرج هذا الحبّ من قلبه ويستعيض عنه بجعل الحبّ الإلهي، فالمؤمن يعيش على سجيّته وعلى فطرته، لكنّه يجعل الحبّ الفطري إلهيًا، ومصطبغًا بدواعٍ إلهية، فمثلًا الأب المؤمن عندما يقبّل ابنه، فإضافة إلى الداعي الفطري الذي تقتضيه الأبوّة، ينظر إلى مرضاة الله تعالى، وحبّه تعالى لهذه الحركة الفطرية الذي يفهمه ممّا ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) بأنّ تقبيل الولد يوجب الدرجات عند الله تعالى. وكذلك بالنسبة إلى الزوجة، فهو يتعامل معها باللطف والرحمة، ويحبّها لأنّ الله تعالى هو الذي جعل في قلبه هذه المودّة، فهو القائل: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (الروم:21)، فالله تعالى أراد هذه المودّة المرضيّة عنده، والدليل على ذلك أنّ هذه الزوجة مهما كان يحبّها زوجها المؤمن حبًّا جمًّا لو خرجت عن جادّة الشريعة رِدّةً أو فسوقًا، فإنّ حبّه الإلهي يجعلها تخرج من قلبه بمجرّد كفرها وخروجها عن الدين، ولا تنتهي علاقته بها وتزول حالة المودّة والرحمة معها فحسب، بل إنّها تتحوّل إلى أبغض موجود على وجه الأرض؛ لأنّها كفرت بربّها. فالمؤمن في كلّ تعاملاته مع الناس، سواء مع أرحامه أو غيرهم من المؤمنين، دائمًا عينه على رضا المولى تعالى إضافة إلى الدواعي الفطرية، وهذا معنى قولنا أنْ يجعل حبّه وتعامله مع مَن حوله في طول حبّ الله تعالى ومرضاته، لا في عرضه.