الأَطفال ومشاركتهم في مراسيم العزاء

ولاء عطشان الموسويّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 112

تتنوّع الرؤى والآراء بشأن اصطحاب الأهل أطفالهم إلى المجالس الحسينية، أو السير لأداء زيارة الأربعين الحسيني، وفي هذا الصدد استطلعنا آراء مجموعة من الأمّهات بسؤال وجّهناه إليهنَّ: ما الأثر الذي تلاحظينه في نفوس الأطفال عند اصطحابهم ومشاركتهم في مسير الأربعين الحسيني؟ أجابت آيات محمّد/ ماجستير علم النفس: إنّ لمشاركة الأطفال في هذه المراسم أثرًا كبيرًا في نفوسهم، فالطفل تبقى كلّ كلمة وسلوك رآه عالقة في ذاكرته لمدّة طويلة جدًا، حتى إنّه لا يكاد يغيب عن ذاكرته، بل يرسخ في باله بطريقة تُغيّر إداركه. وقالت أمل الموسويّ/ مشرفة تربوية: حضور الأطفال في سنينهم الأولى في المجالس الحسينية ومشاركتهم في إقامة الشعائر بتنوّعها سيؤثر بشكل غير مباشر في بناء شخصياتهم وعقيدتهم السليمة مستقبلًا من دون الحاجة إلى التلقين القسري. وكان رأي الكاتبة أمل شبيب الأسديّ: إنّ النفوس البريئة لأطفالنا التي كانت وما تزال تتغذّى من الحليب الطاهر الذي ارتضعوه، يمتزج بالولاء الفطري لآل البيت (عليهم السلام) مولّدًا قوة الجاذبية الحسينية؛ لتنتج ثقافة العطاء لديهم، فتلك الوجوه البريئة حيثما نتّجه صوب قبلة العشق والأمل (كربلاء المقدّسة)، نراهم يشاركون في العزاء والمشي؛ ليرسموا أسمى آيات الولاء لسيّد الشهداء (عليه السلام)، وعجيب ذلك الإصرار على المشاركة الذي نجده عند طفلنا العراقي، فضلًا عن إحساسه القوي بأنّ الخدمة الحسينية هي الطريق إلى الجنّة، ومن هذا نستنتج ضرورة فسح المجال أمامهم، وتشجيعهم على المواصلة في رسم لوحاتهم الفنّية الخالدة في عقولهم على ساحات الإبداع في الطريق الحسيني لزيارة الأربعين، وهذا يجعلنا مطمئنّين على بقاء الموروث الحسيني سالمًا، فتخلد بذلك معاني نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) شعلة لها تأثيرها في النفوس. أمّا الباحثة الاجتماعية ضحى مجيد فقالت: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) من الشخصيات الرائدة في الوجود، وذكره راسخ في أذهان العالم أجمع؛ لما قدّمه من تضحيات عظيمة، حيث فقد أعزّاء فؤاده في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى على الباطل؛ لذلك يجب أن نقف عند كلّ محطّة من حياته (عليه السلام)، ونعرّفه للأجيال على مرّ العصور، وللشعائر الحسينية أهمّية كبرى في نفوس أبنائنا، فقد علّمتهم دروسًا لكلّ مجال من مجالات حياتهم، ابتداءً من تقديم الخدمة لزوّار أبي عبد الله (عليه السلام) واستقبالهم بكلّ حفاوة وحبّ، وتقديم ما لديهم من طعام وغيره، إلى المشاركة في العروض المسرحية عبر تجسيد بعض الأدوار التي تعبّر عن مأساة أهل البيت (عليهم السلام)، ممّا يعزّز الثقة بالنفس وقوة الشخصية لديهم، إضافة إلى المعلومات التي يتلقّونها عن كلّ شخصية جسّدوها، ثم التحدّث في ما بينهم عن سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)، حتى أصبح حديثهم ينتقل من طفل إلى آخر، وهم يحثّون بعضهم على أداء الواجبات كإقامة الصلاة وغيرها، متمسّكين بالأثر الروحي الذي يتركه إحياء الشعائر الحسينية في نفوسهم، فضلًا عن أثر مشاركة الأطفال مع الأهل في مراسيم كهذه في إعادة شمل بعض العوائل التي كانت مفكّكة. وقالت المصوّرة سميّة الدلّاوي: نرى علامات التعجّب والدهشة على الأطفال عند سماعهم لما جرى في معركة الطفّ الأليمة، وعند مشاركتهم في أيّ شعيرة تخصّ الإمام الحسين (عليه السلام)، كخدمة الزائرين، فأنّهم يمارسون العمل من أعماق أرواحهم البريئة، فيكون مليئًا بالأحاسيس التي لا تُوصف، فتبقى عاشوراء حاضرةً في قلوبهم ما بقوا. إنّ الأحاديث الشريفة تبيّن بأنّ الطفل يتأثّر منذ نعومة أظفاره بما يعيشه وينشأ عليه، فيبقى راسخًا في ذهنه، ومؤثّرًا في بناء شخصيته.