ابنتي والزيارة

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 123

بنيّتي الحبيبة: ما أبهاكِ وأنتِ تلتحفين عباءتكِ، وترتدين حجابكِ الشرعي الكامل، ثم تقصدين بكلّ أدب واحترام أضرحة المعصومين (عليهم السلام)، ما أروع خطواتكِ الوقورة، ومشيتكِ الهادئة وأنتِ تسيرين إلى رياض الطهر والقداسة. أنا فخورة بكِ يا وردتي عندما أراكِ حريصةً على استحضار الآداب، وسعيدة وأنا أشاهدكِ تستعدّين للوفود على ساداتكِ منذ أيام، وممتنّة لربّي إذ أراني ثمرة جهدي في جميل علاقتكِ بأحبّ الخلق إليه، وأخصّهم منزلةً لديه. هنيئًا لكِ ولي بأن أراكِ واقفةً بين يدي ساداتكِ، مطرقةً برأسكِ، متذكّرةً تقصيركِ، طالبةً العون على إصلاح وضعكِ، متوسّلةً بربّكِ لسلامة قلبكِ ونجاح مسيرتكِ، متزوّدةً من فيض بهاء أنوار المعصومين (عليهم السلام) بما يعينكِ على التوفيق في رحلة حياتكِ. فاستمرّي يا غاليتي وأنا معكِ، أشجّعكِ وأدعو لكِ بأن تكون رحلة سفركِ لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في ذكرى أربعينه رحلة تكامل واستلهام، وبناء وارتقاء، وتزوّد حقيقي من منبع الحبّ الإلهي، فعاهدي ربّكِ بأن تكوني مثلما يريدكِ مولاكِ الحسين (عليه السلام). هيّا يا بنيّتي، اغتسلي غُسل الزيارة، وليكن للباطن لا للظاهر فقط، حتى تتمّ التصفية من كلّ ما لا يحبّه سيّد الشهداء (عليه السلام)، فتتحقّق بذلك الطهارة، وليكن ملبسكِ مترجمًا لصدق انتمائكِ، وعميق مواساتكِ لمولاتكِ سيّدة الصبر العقيلة زينب (عليها السلام). اخرجي وانضمّي إلى قوافل المؤمنات، واشتغلي بالذكر والتسبيح، وأطرقي برأسكِ وابتعدي في سيركِ عن مسير الرجال، واذرفي الدمع بصمت وخشوع وأنتِ تستحضرين ما جرى في هذا الطريق على خير آل، وإذا حلّ المساء، فكوني في مواكب النساء، مذكّرةً بالله تعالى مَن معكِ، حاثّة على حسن الالتزام الذي يقرّ عين مولاكِ الذي يراكِ ويسدّد خُطاكِ. وهنيئًا لكِ إن وُفّقتِ إلى جلسة يُذكر فيها ما يواسي إمام العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه) من بيان وتعريف لحقيقة الزيارة وعظم المزور، والحثّ على التخلّق بأخلاقه، ورعاية الأدب عند قصده، والحرص على عكس الصورة المشرقة لنهجه، والدعوة إلى رحابه. وإذا وصلتِ إلى مشهد مولاكِ، ولاحت لعينيكِ منائر النور لسيّدكِ، فطأطئي رأسكِ، وقلّلي كلامكِ، وتذكّري ذنبكِ، وأعربي عن ندمكِ وأسفكِ، وسُحّي الدمع عند الأعتاب، واطلبي نظرة رعاية قبل أن تطأ أقدامكِ المقام، نظرة تزيل ما علق بالروح من الأدران الموجبة للضياع والحرمان، سليه أن يتقبّلكِ، ويكون شفيعًا لكِ في قبول زيارتكِ؛ لتعودي نقيّة كيوم ولدتُكِ، وتوسّلي قبل الرحيل بأنْ تُرزقي زيارة أخرى في عامكِ الآتي وأنتِ في حال يحبّها مولاكِ الجليل، واذكريني عنده يا عزيزتي، فوصاله الدائم كلّ أمنيّتي.