رياض الزهراء العدد 197 طفلك مرآتك
الضرب الممدوح
قال بعض الرواة: شكوتُ إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) ابنًا لي، فقال: "لا تَضرِبهُ، وَاهْجُرهُ ولا تُطلْ"(1)، هذه الرواية الواردة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) تنهى عن الضرب، ويمكن أن يعترض شخص بأنّ هناك روايات تُشجّع عليه؛ فكيف يمكن الجمع بين هذه الروايات المتعارضة؟ يمكن الجمع بينها بالقول: إنّ أسلوب الضرب - من حيث المبدأ - غير نافع على المدى البعيد، لكنّه مطلوب في حالات استثنائية مهمّة، بخاصّة في ما يتعلّق بأداء الفرائض الواجبة، والضرورة تُقدّر بقدرها؛ لذلك نجد الروايات تضع لنا حدود التأديب، منها ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "أدّبْ صغار بيتكَ بلسانكَ على الصلاة والطهور، فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب، ولا تجاوز ثلاث"(2)، وعليه، ينبغي الابتعاد عن ضرب الأطفال؛ لأنّه أُثبت تربويًا أنّه يؤثر سلبًا في شخصيتهم، لكن لا مانع من ممارسته في حالات خاصّة، شريطة أن يكون في ضمن الحدود الشرعية. وأهمّ الضوابط التي يمكن استنتاجها من الروايات الشريفة، هو أن يكون الضرب آخر وسيلة يلجأ إليها الوالدان للعلاج، وأن يكون الدافع هو التربية والتأديب وليس الانتقام والغضب، وأن يكون الضرب خفيفًا بحيث لا يترك أثرًا في جسد الطفل، وأمّا الذي يترك أثرًا أو يتسبّب بكسر في جسده، فقد قرّرت الشريعة دية عليه(3). أمّا الشرط الأخير، فهو أن يكون الضرب على أمر داخل في ضمن قدرة الطفل؛ أمّا إذا كان خارجًا عن قابليته، فلا يصحّ ضربه؛ لأنّ التكليف بما لا يُطاق مرفوع عن الشخص البالغ، فكيف بالصغير الذي رُفِع عنه القلم! .............................................................. (1)بحار الأنوار: ج۱۰۱، ص۹۹. (2)تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ص390. (3)مكتب سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف) 0584)/https://www.sistani.org/arabic/qa/ ).