حِمَايَةُ الأَطفَالِ مِن الآثَارِ الضَّارَةِ لِوَسَائِلِ الإِعْلَام

د. إيمان الخفاجي/ بغداد
عدد المشاهدات : 150

في هذا المختصر نسعى إلى رصد التغيّر الهائل الذي مرّت به وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والتي أثرت حتى في لغة المجتمع العراقي بما في ذلك الطفل عن طريق لغة وسائل الإعلام العراقية وغيرها، وبلا شك فإنّ عام 2003م يمثل منعطفاً كبيراً في حياة الشعب العراقي، وقد هزّت أحداثه العارمة أسس هذا المجتمع والأسرة العراقية بصورة خاصة، وبدأت تظهر ثقافة خاصة جديدة لم يكن لها سابق من قبل، إذ تغيّر نظام فاسد دكتاتوريّ تعسفيّ حاكم لعقود طويلة بسياسة قائمة على أساس الحرب والقتل والتدمير والعنف والجور والظلم ومفاهيمها، وقد ساد الحديث في القنوات الفضائية والإعلامية بترك آثار ضارة في الأسرة العراقية والأطفال بخاصة عن طريق القنوات الفضائية المضادة وما تودّ بثه عن طريق القنوات الإعلامية التي أصبحت تبث دون قيد ما قد يهدّم الأسرة ويؤثر سلباً في الأبناء والبنات، وعلى سبيل المثال هناك ألفاظ عامّة بدأ يتداولها الأطفال، وهي ألفاظ مؤثّرة في الذوق ولا تمت لنا بصلة مثلاً (الحواسم، القفاصة، البحارة، الإرهابيين، مفخخات، خطف، الاغتيال، اجتثاث، القاعدة، تفجير الشبكات الإرهابية، كبسة، أطفش، تهجير، ترحيل، قسري). وقد شاعت في القنوات الفضائية ألفاظ وأساليب بلاغيّة متعبة وكئيبة وذات مردود قاهر وقاسٍ وأليم. لنذكر منها (ذئاب بشرية، انهار الدماء، تعطش للدماء القذرة، الهرع، فضاء النفوس، عيون الموت تترقب الأبرياء، احتقان طائفي، خفافيش الظلام، أسنان الموت، الأحزمة الناسفة، كلاب الليل، انزلاق العراق إلى الهاوية، تشريد مسدسات، جلاد، تمرد، فتنة) وبما أن المجتمع العراقي واجه بعد 2003م انفتاحاً عشوائياً إلا أنّ القنوات الفضائية لم تكن تعليميّة ولا ثقافيّة، بل إخبارية فقط منشغلة دوماً بتغطية الأحداث الكبيرة المصيريّة، وقد حاول السياسيون الأمريكيون الاتصال بكلّ القنوات التي يستطيعون التواصل معها ممّا أدّى إلى انتهاك حرمة اللغة العربيّة عن طريق شيوع العاميّة، وإدخال لغة إفساد الذوق واللكنة عند الأطفال. وأخيراً نقول في خدع الدعايات الكاذبة وذويها (باستطاعتهم أن يخدعوا بعض الناس بعض الوقت ولكن ليس باستطاعتهم أن يخدعوا كلّ الناس في كلّ وقت) أجل إنّ الدعايات المشوبة تخدع كثيراً الأحداث وتروّج الباطل في ثوب الحق، والشرّ في غلالة الخير والجهل في رداء العلم، والأثرة في معطف الإيثار، ولكن في النهاية لابدّ من أن تهتك عنها الأستار، وتظهر الحقائق للناس جميعاً. واليوم إذ علينا جميعاً أن نباشر ونتكاتف في وضع خطة ومنهاج توعوي ثقافي ترفيهي بنّاء هادف لأبنائنا، لانتشال الأطفال خاصّة، والنهوض بالأسرة عامّة من براثين الأمراض الدعائيّة التي سوقّها لنا الأعداء ووثّقها وصفّق لها وفتح الباب على مصراعيه أمامها كلّ مَن تعاون معهم. علينا أن نعدّ مشروعاً متكاملاً بنّاءً يرتكز على أسس إسلاميّة إعلاميّة تحتضن كلّ أطفالنا وأبنائنا وبناتنا وتنقلهم إلى برّ الأمان، وتزرع في نفوسهم مفاهيم الإسلام وتقاليد الإيمان والتقوى والورع. لنحافظ على جيل مؤمن متسلّح بالإيمان، معتز بعقائده ومقدساته؛ ليحافظ عليها من الضياع ولتبقى ذخراً للأجيال القادمة.