كيف نستثمر طموح الشباب واندفاعهم؟

جنان عبد الحسين الهلاليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 184

إنّ رغبة الإنسان في تحقيق هدف معيّن والوصول إلى مراده من دوافع النجاح، فهذه الرغبة تجعله يتحرّك للعمل ليلًا ونهارًا، وفي كلّ الأحوال مهما كانت الظروف والصعاب، فالرغبة المشتعلة أساس النجاح. سأل شاب في العشرينات من عمره ذات مرّة العالم والكاتب ومؤسّس الـ(كريستال كاثيدرال) في نيويورك الدكتور (روبرت شولر) قائلًا: كيف أستطيع أن أكون كاتبًا ناجحًا ومرموقًا مثلكَ؟ فأجابه: عندما يكون عندكَ رغبة مشتعلة لكي تكون ما تريد، فسأل الشاب: وما الرغبة المشتعلة؟ فقال الدكتور (شولر): عندما تفكّر في الكتابة قبل النوم، وتفكّر فيها بعد الاستيقاظ منه، وتتكلّم عنها في كلّ مكان، عندما تصبح الكتابة الشيء المسيطر تمامًا على أفكاركَ وتسير في دمائكَ، فهذه هي الرغبة المشتعلة(1)، فبمقدار ما يشعر الإنسان برغبته في عمله وحبّه له، فإنّه يحقّق النجاح فيه. وفي هذا المجال لابدّ من الالتفات إلى الفرق بين العمل الذي يقوم به المرء لأنّه يمتلك الخبرة فيه، وبين العمل الذي لديه الرغبة فيه، فإنّ مَن لا يحبّ عمله قد لا ينجح فيه كثيرًا، والواقع أنّ بعض الشباب يمتهنون بعض الأعمال بدون الرغبة فيها، لكنّهم أُجبروا من قِبل ذويهم، أو لأنّ الظروف ألجأتهم إلى ذلك، في حين كانت ميولهم ورغباتهم الخاصّة منصبّة تجاه عمل آخر، أو تخصّص آخر، وهنا تكمن المشكلة، إذ تكون النتيجة الإخفاق وقتل روح الإبداع في العمل. ودلّت الكثير من التجارب على أنّ بعض الذين كانوا في يشغلون وظائف رفيعة، تركوا أعمالهم لعدم رغبتهم فيها، مثلما أنّ تحديد الهدف من أهمّ أسس تحقيق النجاح، بل إنّ هناك تلازمًا بين النجاح والهدف، فلا يمكن للإنسان أن ينجح إلّا إذا حدّد هدفه. وعن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال لكميل: "يا كُميل، ما من حركة إلّا وأنتَ محتاج فيها إلى معرفة"(2)، فالناجح هو الذي يحدّد هدفه مهما كان، ويحدّد أهدافًا عالية ولا يرضى بالقليل. إذا كان الشاب لا يشعر بالشغف تجاه العمل الذي يمارسه، فقد يكون السبب أنّه ليس العمل الذي يرغب به، فعلى الآباء تقع مَهمّة استثمار رغبات أبنائهم، وهي خطوة مهمّة في حياتهم المستقبلية لتحفيزهم على الإبداع. ......................................... (1)الطريق إلى النجاح: ص59. (2)تحف العقول: ص171.