عَبَقٌ مِن بَرنَامَجِ المُنتَدَى_الصبر

زهراء حكمت/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 439

من عمق المعاناة.. ومع كلّ شدّة تمرّ بنا في حياتنا الدنيويّة نتذكّر، ونتأمّل في فلسفة الحياة والصبر.. فكثيرة هي الابتلاءات التي يمحصّنا الباري بها ليزيدنا قُرباً منه وتسليماً له؛ ولهذا نحتاج إلى التزوّد بثقافة الصبر لنُخفّف عن قلوبنا ونجعلها أكثر جَلَداً وقوة في مواجهة المحن والبلايا.. وسنكون مع محوركم (محور برنامج منتدى الكفيل) والذي يحمل عنوان (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا)/ (البقرة:250) للعضو الفضي (الدكتور حسين) الذي قال فيه: الإنسان كتلة من المشاعر والأحاسيس، ومملوء بالعواطف والهواجس، وهو ضعيف مسكين بحد ذاته، وهذه الدنيا الوعرة مملوءة بالابتلاءات، وسببها الرئيسي هو الشيطان الذي يدخل الجسم كما تدخل الأشعة السينيّة خلاياه وأعضاءه وهذا يتطابق مع ما قاله سيّد الكائنات محمد (صلى الله عليه وآله): "إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيّقوا مجاريه بالجوع"(1)؛ لذلك وجب علينا الصبر، فمَن صبر جعل الله له نوراً بين الناس. وأهل الصبر هم على ثلاثة مقامات: الأول: هم مَن تركوا الشكوى وهذه درجة التائبين. والثاني: هُم مَن رضوا بالأقدار، وهذه درجة الزاهدين. والثالث: هُم مَن أحبّوا ما صنع بهم مولاهم، وهذه درجة الصدّيقين. فالمؤمن الصابر هو المؤمن المتفائل برحمة الله (عزّ وجل) ولا ييأس من هذه الرحمة التي وسعت كلّ شي، ومن هنا انطلقنا مع متصلاتنا وردود أعضائنا المباركة: فبدأنا مع العضو (مرتضى علي) بقوله: ينبغي علينا أن نعرف مفهوم الصبر حتى نكون من الصابرين حقاً، فالصبر هو منع النفس وحبسها عن الجزع والانهيار في التعاطي مع الأمور الشديدة والشاقة، ولا يعني الاستسلام أبداً، بل هو سنخ مقاومة وثبات وإصرار في مواجهة البلاء أو المصيبة أو امتثال الطاعات أو اجتناب المعاصي. قال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)/ (العصر:3). وهذه الآية تؤسّس لثقافة التواصي بالصبر لبعضنا بعضاً على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى عباداته، وعدم التعدّي على حدوده(سبحانه وتعالى). وأضافت متصلتنا (أم باقر): إنّ مجتمعنا محتاج كثيراً إلى الإيمان بالله وقضائه، والتعلم من سيّدتنا زينب (عليها السلام) الصبر الجميل، وليس الصبر الذي يُكره الإنسان عليه. وتمّمت الحديث متصلتنا (زهراء الموسوي) باستهلالها بقوله تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)/ (الكهف:28). فهناك فئة من الناس يزوّدون الإنسان بالصبر حين يتواجدون معه، وهناك بالعكس فئة يزيدونه فزعاً وهلعاً وجزعاً، لذلك على الإنسان تحرّي الصداقات والتجمعات التي تزيده نوراً وتفاؤلاً مهما أظلمت الحياة بمساراتها. وتواصلنا مع ردّ العضوة (أين صاحب يوم الفتح؟) التي أكّدت على أنّ: للصبر نتائج عظمى، إذ إنّ عاقبته خيرٌ وفرجٌ، لذلك دائماً نردّد (مَن صبر ظفر)، (الصبر مفتاح الفرج)، والظفر ليس في الحياة الدنيا فقط، فلربّما يطول بلاؤنا، ولا تكون نهايته في هذه الحياة، بل في حياة أخرى حيث يعوّض الله تعالى الصابرين برضاه وجنانه. وقالت العضوة (متيّمة العباس): الجهاد، العبادات، العلاقات الاجتماعية، العلاقات الأُسرية كلّها تحتاج إلى جهاد وصبر لكي تكون أُسرنا مدارس إلهيّة تُخرّج رساليين منتظرين، وأعظم الصبر ما نحن فيه من صبر على غياب مولانا محيي الشريعة صاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) والذي يحتاج إلى عمل وتمهيد كبيرين. وختمت العضوة (كربلاء الحسين) بكلماتها: الأدعية والزيارات التي يلتزم بها المبتلى بهمّ أو غمّ أو حزن هي مجربة، لِما تزوّد به الإنسان من طاقة تجدّد الروحانيّة فيه وتربطه مع إمامه (عليه السلام) وترفع الطاقة الشفائيّة والمقاومة لديه، ومنها أدعية الصحيفة السجّاديّة، وأدعية الليالي والأيام المخصوصة. ويبقى لدينا احتياج كبير للتأسي والقراءة عن سيرة الأنبياء والصالحين والأئمة (عليهم السلام)؛ لنتعلّم منهم أرقى مقامات الصبر والتحمل. .............................. (1) مستدرك الوسائل: ج16، ص220.