بين مولد النور وعصر الظهور

وسن نوري الربيعي
عدد المشاهدات : 126

في لجّة الأحزان تطوي ليالي الفراق، حتى كادت أنْ تهلك من شدّة الوجد والأسى، وفي إحدى الليالي أحسّت زهرة القوم بحركة الجنين المبارك يتقلّب في أحشائها. أدركت آمنة بنت وهب (عليها السلام) سرّ ذلك الفداء العظيم لزوجها عبد الله (عليه السلام)، فطوت شجونها وسيل أحزانها في أعماقها، وراحت تترقّب ساعة الوضع بلهفة وحذر، فأنزل الله السكينة على قلبها المفجوع، وحانت لحظة قدوم الوليد المبارك إلى الدنيا ليزيّنها بالرحمة، وينشر الخير والسلام والخُلُق الرفيع. هلّلت الكائنات مستبشرةً، وابتهجت الملائكة معلنةً الفرح والسرور بالتسبيح والتكبير، وازدهى الكون ألقًا، وتعطّرت مكّة بعبير البشرى، فلقد حان موعد الخلاص، إنّه مولد المختار لتطهير الإنسان من أدران الجاهلية، وتزكية النفوس من كلّ خُلُق ذميم. جاء البشير النذير، والسراج المنير؛ ليوقد شعلة الأمل في قلوب المستضعفين والمضطهدين، خاتم الرسل وحبيب الإله محمّد (صلّى الله عليه وآله) الذي بشّر بقدومه كلّ الأنبياء والمرسلين. أقبل سيّد الكائنات باعثًا في دنيا الوجود حياةً جديدةً، وبزغ فجر النور ممهّدًا ليوم ظهور الموعود بتطهير الأرض من الشرك والضلال، ونشر راية الهدى في كلّ الوجود.