النصر والانتصار في القرآن الكريم

نرجس مهدي/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 442

أكّد القرآن الكريم على ضرورة طلب النصر من الله تعالى عبر سلوك الطريق الصحيح والتعاون على تحقيقه، والشواهد القرآنية على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)الأنفال:64، وقوله تعالى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي )طه:29، وقوله تعالى: ( ... قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ... )آل عمران:52، لقد طلب الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) من الله تعالى أنصارًا لدينه لتحقيق النصر الإلهي، أمّا عوامل تحقيق النصر في المنظور القرآني فعديدة، منها: أولًا: توافر اللياقة العملية لدى القائد، سواء الفكرية أو البدنية؛ لقوله تعالى: ( وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ )البقرة:247. ثانيًا: ضرورة تحلّي الجنود بمواصفات تلائم المستوى المطلوب للانتصار، فالنوعية أهمّ من العدد؛ لقوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )البقرة:٢٤٩. ثالثًا: ضرورة تحلّي الجنود بالصبر والاستقامة؛ لقوله تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا )البقرة:250. رابعًا: تشخيص الخصم والتعرّف عليه من قِبل الجنود، فأتباع (طالوت) عرفوا خصمهم من الكفّار، ولذلك قاتلوهم، مثلما قال تعالى: (وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )البقرة:250، وقد قال سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) : " فإنّي لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي"(١)؛ لذلك انتصر في فتحه الكبير. أمّا كيفية نصر الله تعالى لعباده المؤمنين، فاتّخذت صورًا متعدّدة، منها: 1ـ توحيد الصفوف وتأليف القلوب: وهذا بحدّ ذاته يمثّل بادرة من بوادر النصرة الإلهية، كقوله تعالى: (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَام ) الأنفال:11. 2ـ تقوية القلوب: عن طريق تثبيتها الموجب لتجلّي النصر الإلهي، مثلما جاء في قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ )إبراهيم:27. 3ـ استجابة الدعاء، كقوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ )الأنفال:9. 4ـ النصرة الظاهرية، مثلما حدث في معركة بدر، كقوله تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ )التوبة:25. 5ـ إنزال السكينة والطمأنينة على المؤمنين، مثلما جاء في قوله تعالى: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ )الفتح:26. 6ـ إمداد المؤمنين بجنود غير مرئيّين من الملائكة يقاتلون معهم، بدليل قوله تعالى: (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا )التوبة:40. 7ـ قذف الرعب في قلب العدوّ، كقوله تعالى: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ )الأحزاب:26. 8ـ التصدّي لمكر الكافرين، كقوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ )الأنفال:18. والنصر الإلهي لا يتوقّف عند حدود الانتصار الظاهري، بدليل نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)الذي قُتل، لكنّه انتصر على الظلم والطغيان؛ ولهذا قال: "فإنّه مَن لَحِق بي منكم استُشهد، ومَن تخلّف لم يبلغ مبلغ الفتح والسلام"(٢). ................................... (1)الإرشاد: ج2، ص٩١. (2)بحار الأنوار: ج٤٤، ص٣٣٠.