صلاح الحال بصلاح الأسرة

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 216

إنّ صلاح المجتمعات وارتقاءها يبدأ من داخل الأسرة، فما المجتمع إلّا مجموعة من الأُسَر، فكلّ فرد يُولد في أسرة وينشأ في ظلّها، ثم يخرج إلى المجتمع، ويحتكّ بأفراد من خارج أسرته، ينتمون إلى أُسَر أخرى. ولو أردنا النهوض بالمجتمع والتقليل من مشاكله، فعلينا بالاهتمام بالأُسَر وتنشئة الأجيال، فما مقوّمات الأسرة الجيّدة السليمة؟ إنّ من أهمّ عوامل إعداد أسرة سليمة وناجحة هو أن تكون هذه الأسرة مستقرّة مطمئنّة، يسودها الدفء والمحبّة والتفاهم، ومعرفة كلّ فرد دوره ومسؤوليته. ولنشر هذا الوعي في المجتمعات ومساعدتها على تجاوز أزماتها وحلّ مشكلاتها، بادر مركز الثقافة الأسرية التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة إلى فتح الدورات والورش التثقيفية، وفتح باب الاستشارة للزوجات والأمّهات اللائي تعاني أسرهنَّ من مشكلة ما؛ لتنشأ الأسرة في جوّ سليم تسوده السكينة والاطمئنان، إذ ركّز المركز على البرامج التوعوية والتثقيفية في المجالات النفسية والأسرية والتربوية والفقهية؛ من أجل زيادة المخزون الثقافي للنساء من مختلف الأعمار، مقدّمًا خدماته الإرشادية والنفسية لفئة النساء حصرًا، إذ يستهدف النساء عامّة: التلميذات في المرحلة الابتدائية، وطالبات المرحلة الثانوية والجامعية، والأمّهات وربّات البيوت، والعاملات كالموظّفات. ومن البرامج المهمّة والأساسية التي أقامها: 1ـ (ربيع الثقافة المعرفي) للطالبات. 2ـ (على خُطاكَ يا مولاي)، لمنتسبات الشُعب النسوية في العتبة العبّاسية المقدّسة. 3ـ (تطوير الذات والمهارات) للموظّفات. 4ـ (واحة الثقافة) للمتعفّفات وعوائل الشهداء. فضلًا عن المحاضرات النصف شهرية والدورات التطويرية في جميع المجالات الحياتية. وصلت إلى المركز الكثير من الحالات المتأزّمة، سواء على الصعيد النفسي أو الأسري، وأسهم ملاكه الإرشادي والطبيبة النفسية المتخصّصة، في معالجة أغلب الحالات وحلّها بحمد الله، فالمركز يقدّم مختلف البرامج التثقيفية الإرشادية، التي تهدف إلى ترميم المنظومة القيمية الأخلاقية لكلّ أفراد المجتمع، ولكلّ فئاته من النساء. وقالت مسؤولة مركز الثقافة الأسرية السيّدة سارة حسن الحفّار: مجال التثقيف الأسري في الحقيقة يواجه تحدّيًا كبيرًا وخطيرًا بسبب انتشار المعتقدات الخاطئة، ومن العوائق والتعقيدات ما يُعمل عليها بجهد دولي وسعي غربي، وبمساحة إعلامية كبيرة جدًا حتى يحقّقون التفكّك الأسري ويخلقون مجتمعًا منفلتًا، لا يقيم للعلاقات الأسرية وزنًا، بل يدمّرها عبر نشر ثقافة الأنا و اللامسؤولية، ومن ثم يؤدّي إلى إنهاء العلاقة مع الدين ومع الله، ثم تعطيل الأثر الروحي في المجتمع، ونحن نرى الصرعات اللاإسلامية والأفكار الضالّة المنتشرة تحت مسمّى الحرّية، وهي في الحقيقة حرّية زائفة، والهدف من كلّ هذا طعن الثقافة الأسرية المجتمعية الإسلامية العربية في الصميم؛ لذا انبثقت فكرة مركز الثقافة الأسرية الذي من ضمن أهدافه ومن أولوياته تحقيق الاستقرار النفسي للأسرة العراقية عن طريق المحاضرات والبرامج التوعوية التثقيفية النفسية لشريحة النساء من جميع الأعمار، والمركز يقدّم خدماته لعامة المجتمع وبشكل مجّاني، وخصّصنا أرقامًا للاتّصال لطلب استشارات في الطبّ النفسي، وأرقامًا للاستشارة في مواضيع الطفولة والمراهقة، وأخرى للاستشارات في العلاقات الزوجية، وتتوافر فيها وسائل التواصل من قبيل الـ(واتساب) والـ(تيليغرام) بشكل مجّاني، إضافة إلى الاستشارة المباشرة في مقرّه، وتصلنا حالات عن طريق الاتّصال من المحافظات ومن خارج البلاد. وإضافة إلى البرامج التي ذكرناها، نقدّم برامج إلكترونية نصف شهرية عبر قناة الـ(تيليغرام)، ننشر الإعلان ونضع الرابط للاشتراك من قِبل المتابعات، وتارة يكون البرنامج عن تطوير الذات، وأخرى عن الحياة الزوجية، ويشترك بحدود (80 ـ90) مشتركة في دورة مكثّفة في غضون (4) أيام، يتمّ فيها توضيح مبدأ الزواج الصحّي والعلاقة الزوجية الصحيحة. وهناك الكتيّبات التي تصدر عن المركز، حيث صدرت (4) كتيّبات خاصّة بالعناوين الآتية: (طفلكِ سيشكر صنيعكِ غدًا)، و(أدنى دليل التعامل مع المرأة)، و(علاج الضغوط النفسية)، و(أبغض الحلال)، وأمّا غيرها ففي مرحلة الطباعة. ومن برامج المركز التي قدّمها برنامج (ربيع الثقافة المعرفي) الخاصّ بطالبات المدارس الحكومية بالتعاون مع مديرية تربية كربلاء المقدّسة على شكل مخيّمات طلابية من الصباح حتى المساء، نقدّم لهنَّ محاضرات تثقيفية، وتوعوية، وإرشادية مع مجموعة من المسابقات، والبرنامج مخيّم كشفي كامل، بدأنا به منذ عام (2018) وهذه السنة الثالثة. وهناك برنامج (واحة الثقافة) الذي نستهدف به العوائل المتعفّفة بالتعاون مع مؤسّسة (الشهداء) ومؤسّسة (العين)، فضلًا عن برامج للمدرّسات والموظّفات عن تطوير الذات والمهارات. وبرنامج آخر قُدّم للأخوات الزينبيات ولمنتسبات الشُعب النسوية الأخرى في العتبة العبّاسية المقدّسة، إضافة إلى المدارس الدينية، مثل: (مدرسة فدك الزهراء (عليها السلام)، ومدرسة نور الزهراء (عليها السلام)، بعنوان (على خُطاكَ يا مولاي)، وبرنامج خاصّ بالزينبيات، درّبنا فيه أكثر من (500) منتسبة، ومن المؤمّل تقديم البرنامج في محافظة النجف الأشرف لتدريب الشُعب النسوية التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة التي تضمّ: معهد القرآن الكريم النسوي، مدارس الكفيل الدينية، إضافة إلى المتطوّعات والمبلّغات اللاتي يخدمنَ في العتبة العبّاسية المقدّسة في أثناء الزيارات المليونية. وهنا يعمل المركز وَفق المسؤولية التي يشعر أنّها ملقاة على عاتقه؛ ليعدّ الأسرة المسلمة إعدادًا جيّدًا، وهذه خطوة نحو إصلاح المجتمع واستقراره الذي يبدأ من الأسرة والأمّ التي لها الدور الكبير في ذلك.