رياض الزهراء العدد 198 استطلاع رأي
فوبيا الامتحانات
كثيرًا ما تواجه الطلاب قبيل الامتحانات بعض المشكلات، ومن أهمّ تلك المشكلات التي تعرقل مسيرتهم التعليمية هو الخوف والقلق الذي يصاحبهم من فكرة أداء الامتحان، ممّا يؤدّي في كثير من الأحيان إلى إخفاقات لا تُحمد عقباها، وتسبّب لهم مشاكل لم تخطر على البال، وفي إطار هذا الموضوع طرحنا سؤالًا على المعنيّين في هذا المجال: السؤال: كيف تجدين أثر القلق والتوتّر من الامتحانات، وما سببه؟ أجابت السيّدة لمى محمّد المولوي/ مدرّسة: قبل موعد امتحانات الصفّ السادس الإعدادي (الوزاري)، تستنفر الأعصاب طاقتها القصوى، وقبل بدء الامتحانات بشكل عام وقبل كلّ امتحان بشكل خاصّ يظهر الخوف وشدّ الأعصاب والتوتّر على الطلاب، ممّا يؤثّر سلبًا في تلقّي المعلومة في أثناء الدراسة، ومن كثرة التوتّر يُصاب الدماغ بشيء من الجمود وعدم استقبال المعلومة، وعدم استجابة الوصلات العصبية لحفظ المادّة، ممّا يزيد من التوتّر وضياع المعلومات، وتزداد هذه التفاعلات مع صعوبة الأسئلة والأخطاء التي ترد معها، وهذا يؤثّر سلبًا في نفسية الطالب بشكل عام، ووضعه بصفته يؤدّي الامتحان بشكل خاصّ، ممّا يزيد من الإخفاقات المتتالية في أداء الامتحان، فيؤدّي إلى تأجيل أغلب الطلبة المتميّزين للامتحان، ممّا يزيد الطين بلّة، وهذا ما لمستُه بنفسي في أثناء تدريسي للطلاب وعبر مراقبتي في الامتحانات الوزارية. وقالت السيّدة سليمة مطر الحمدانية/ معلّمة من سلطنة عمان: رُوي عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "الهمّ يذيبُ الجسد"(1)، ففي الدنيا يفكّر المرء بأخطائه، فتراه يقلق بشأن الحساب والعقاب، والطالب كذلك يتوتّر بشدّة من قرب موعد الامتحانات؛ لأنّها مقياس لمحصوله العلمي، واختبار لمدى فهمه؛ ليتّضح مدى استفادته، إلّا أنّ سبب التوتّر والقلق ليس الامتحان بحدّ ذاته، إنّما ما بعد الامتحان، فالنتائج يترتّب عليها الكثير، من انتظار الأهل وفرحتهم، ونظرتهم، وتوقّعهم اجتياز مرحلة معيّنة، والحصول على المعدّل المطلوب، والرغبة في التفوّق لا النجاح فقط، وسهولة الامتحان وصعوبته هي من أسباب التوتّر الأولية، وإذا رُبط قول الإمام عليّ (عليه السلام) بشعور الطلبة، فإنّ كثرة التفكير تسبّب الصداع، وقلّة التركيز، وفقد الرغبة في الأكل، ممّا يسبّب تداعي الجسد، ثم تتضرّر الصحّة النفسية، فيتحوّل القلق والتوتّر إلى همّ، وأمّا عن الرأي الطبّي: (القلق من الامتحان هو حالة نفسية، تسبّب ضائقةً شديدةً وقلقًا يحدث في أثناء أوقات الامتحان، ويعاني معظم الناس من درجة معيّنة من القلق والتوتّر قبل الاختبار أو في أثنائه، وهذا يؤثّر سلبًا في التعلّم والأداء في المواقف التي لا يمكن التغلّب عليها، والقلق المفرط والخوف يجعل التركيز صعبًا، ويبذل الشخص الكثير من الجهد لتذكّر الموضوع الذي درسه، ويسبّب القلق من الامتحان مستويات مختلفة من الأعراض الجسدية والمعرفية والسلوكية والعاطفية)(2). فيما ذكرت الدكتورة سليمة سلطان نور/ اختصاص لغة عربية: إنّ القلق والتوتّر النفسي من الامتحان أمر رافق الامتحانات منذ وجودها للمرّة الأولى في تاريخ البشرية، وهو أمر جيّد ولا جدال فيه، لكن زيادة القلق والتوتّر إلى الحدّ الذي يشتّت ذهن الطالب، أمر يحتاج إلى إعداد تربوي ونفسي، بل حتى جسدي، عن طريق تنظيم لغة الجسد وتوافق حركته مع الدماغ، ومن ثمّ مع العقل والسلوك؛ والاعتماد على العلوم النفسية والتربوية المتخصّصة في هذا المضمار عن طريق أدقّ التفاصيل يعزّز الشعور بالذات، ومن ثمّ تنمية منجزات هذه الذات، وسينعكس يقينًا على تنمية المجتمع. وقالت السيّدة هدى محمّد الحسيني/ معلّمة مادّة الإسلامية: القلق والتوتّر هو العدوّ الأول والعدوّ اللدود لكلّ طالب يخوض تجربة الامتحانات، ويصل التوتّر والقلق أحيانًا بالفرد إلى فقدان متعة الامتحانات، طبعًا ربّما يعترض بعضهم ويتعجّبون إن قلنا هناك متعة في الامتحان أو الاستعداد له، نعم، هناك متعة كبيرة في خوض تجربة الامتحان، حيث يشعر الطالب بأنّه يحلّق في عالم الأسئلة، ويستمع إلى همس الأجوبة في داخله، وكأنّه في وسط البحر يجذّف بكلتا يديه طالبًا برّ الأمان والنجاة، ففي كلّ مرّة أخوض فيها امتحانًا، أشعر بمتعة غريبة تسري في داخلي، قد يكون بعضهم محرومًا منها بسبب توتّره وقلقه، فالتوفيق هبة من الله تعالى وصنيعه الجميل، والثقة والتفاؤل هما مَن يقاوم التوتّر والقلق. ومن الجانب النفسي ذكرت السيّدة ضحى مجيد/ باحثة اجتماعية: أنّ القلق والتوتّر من الأمراض النفسية التي تجعل الفرد يتردّد في اتّخاذ العديد من القرارات في الحياة بجميع مجالاتها، بخاصّة إذا استمرّ ذلك بدون إيجاد الحلول المناسبة له، ومن أسباب القلق والتوتّر: 1ـ عدم الثقة بالنفس. 2ـ عدم التفاعل مع الآخرين. 3ـ عدم وجود الدعم النفسي للطفل في السنوات الأولى من حياته. 4ـ توبيخ الأهل المستمرّ وابتعادهم عن التشجيع المستمرّ على الأمور الإيجابية. 5ـ عدم توعية الأبناء بخاصّة في مرحلة المراهقة؛ لأنّ في هذه المرحلة يزداد القلق والتوتّر بسبب التغيّرات البيولوجية التي تحدث لديهم. 6ـ الاعتماد الكلّي على الأسرة. 7ـ قلّة التجارب في الحياة. 8ـ إسماع الطفل العبارات المثبّطة من قبيل: أنتَ لا تستطيع، أنتَ غير قادر، أنتِ فاشلة، وغيرها من الكلمات التي تدمّر الثقة بالنفس. 9ـ قلّة تفاعل الطفل مع البيئة. أثر القلق من الامتحان في شخصية الطالب: 1ـ التردّد في الإجابة. 2ـ عدم المشاركة في الامتحانات. 3- تدنّي المستوى الدراسي. 4- الحدّ من التفكير. 5- الحدّ من الابتكار. 6- يزيد من ضعف الشخصية. وصايا للحدّ من القلق: 1ـ قراءة القرآن الكريم مع الاستعاذة من الشيطان الرجيم قبل البدء بالدراسة، إضافة إلى المواظبة على مواعيد الصلاة في أوقاتها؛ لأنّ الاهتمام بالجانب الروحي يقي الفرد من القلق والتوتّر. 2- الدراسة بشكل فعّال وبتركيز، مع وضع جدول خاصّ مرتّب ومنظّم من أجل ترتيب الأفكار في ذهن الطالب. 3- الدراسة في الصباح الباكر وفي مكان هادئ؛ لكي يتمّ استيعاب المادّة بسهولة. 4- تناول الطعام الصحّي لتغذية الجسم، بخاصّة الدماغ. 5- تناول السوائل التي تجعل الفرد يشعر بالراحة والاسترخاء كعصير الليمون، وغيرها. 6- ممارسة الرياضة؛ لأنّها تزوّد الجسم بالنشاط والحيوية، إضافة إلى الثقة بالنفس. 7ـ إذا كانت هناك صعوبات في التعلّم، فيجب إيجاد الحلّ المناسب لها؛ لأنّها تجعل الطالب يشعر بالقلق، ومن ثمّ يؤثّر في دراسته ............................................. (1) ميزان الحكمة: ج١، ص٦١٠. (2) مستشفى(NP) للدماغ، إسطنبول.