أَيها الوالدان رفقا
ليس لأحد أن يغفل عن المكانة السامية التي يرتقي إليها الوالدان يومًا تلو الآخر، فحين يكبر الأولاد تكبر أحلامهم ليبلغوا ما يستحقون من نتاج الجهود المضنية التي أُفنيت فيها سنوات العمر الجميلة من أجل تحقيق تلك الأحلام، فعندما تكبر الأحلام يكبر معها الأولاد وهو حلم جميل أيضًا، فتتّسع الآفاق وينشغل الجميع، وتدور عجلة السنين لتُطوى معها حوادث الأيام بحلوها ومرّها غير مكترثة بمَن لم يلحق بها؛ لتصبح ذكريات قد نُقشت كلّ حوادثها بالتسلسل، فالتوكّل على الله في كلّ أمر هو نصرٌ حقيقيٌّ، فما بالكم إن توكّلتم في أمر تنشئة الأولاد؟ فبهذا التوكّل والعمل المثابر سيتحقّق الانتصار المنشود، وذلك بسيرتهم وسلوكهم وتفاعلهم مع المجتمع الذي يضمّهم، تُرى هل كان في برنامج حياتكما مكانٌ لما أنتما عليه الآن من إرهاق وآلام ومشقّة؟ ماذا أعددتم لأيام كهذه، التي ستكون ليست كسابقتها من سلامة في الجسد والقوة؟ هل التجأتم إلى الخالق جلّ وعلا وأنتم تصمّمون برنامج حياة أبنائكم ومستقبلهم، وكذلك الحال لحياتكم أنتم؟ فمن حقّ هذه الأرض أن ترفقوا بها بأن ترفدوها بأناس صالحين ليعمّروها، فرفقًا بالأرض ورفقًا بحالكم، فقبل أن تقترنا ببعضكما ابحثا عن أنموذج مميّز لحياتكما ولحياة أولادكما؛ ليعيش الجميع براحة وسكينة، بعيدًا عن الحقد والحسد والبغضاء، ولينعم الجميع بالخير والمحبّة والسلام، وبعد كلّ هذا، عليكما أن تركنا إلى ركن آمن يذهب إليه الراغبون طوعًا لا كراهيةً؛ لتتطهّروا من الأدران التي تلوّث القلوب؛ لتصبح قلوبًا يسكنها الحبّ والطمأنينة، إنّه ركن الله الذي يلجأ إليه كلّ مضطرّ، فرفقًا بالأولاد بجعلهم عمّارًا للأرض لا مفسدين، ورفقًا بسنين الشباب والقوة؛ لتكون دائمًا وأبدًا في طاعة الله سبحانه وتعالى ورضاه.