رياض الزهراء العدد 198 الملف التعليمي
إِدارة الضوضاء
كان ولا يزال التعليم مهنة العظماء، ومهمّة العقلاء، ومسؤولية الفضلاء، ومقياس التقدّم، وعيبة التطوّر، وميزان القوة، ومنارة كلّ المجالات، فالأمة ذات الساعد الأقوى هي التي تبدع في العلم والتعلّم؛ لأنّها تسخّر نِعم الله في خدمتها وخدمة الإنسانية عامّة. وعملية التعليم تحتاج إلى قائد يعرف ما له وما عليه، بخاصّة إذا كان التعليم يخصّ الصفوف الأولى، وهي من أدقّ المراحل التي يجب على متولّي مهنة التعليم فيها أن يكون واعيًا ومتيقّظًا لكلّ مفاصلها وتفاصيلها؛ لما لها من علاقة وطيدة بالمتعلّم، ومستقبله بشكل أساسي. وإدارة الغرفة الصفّية والجوّ الذي تتمّ فيه هذه العملية يحتاج إلى ذكاء وروح باعثة على الأمل، تعرف ما يجب عليها فعله؛ لتسير العملية بالشكل المخطّط لها أو ما يقارب للخطّة المعدّة، وأن يحقّق الجوّ ولو الأهداف الأساسية المعوّل على تحقيقها. ومن أهمّ هذه الأمور هي الضوضاء داخل الغرفة الصفّية التي تدخل في حدوثها عدّة عوامل، منها عدد المتعلّمين، وشخصية المعلّم، والمرحلة التي يقوم المعلّم بتدريسها، وغيرها من العوامل، ولإدارة هذه الضوضاء التي تربك، بل تميت العملية التعليمية، يجب على المعلّم اتّباع الخطوات الآتية: ١- في أولى دروسه يضع المعلّم قواعد للصفّ، وبالأحرى قواعد الجوّ الدراسي داخل الصفّ متجنّبًا استعمال أدوات النفي، وتدوين القوانين بصيغة الإثبات لتكون أكثر حزمًا وأقوى في التنفيذ، ويجب أن يبتعد المعلّم عن الإطالة في تدوين هذه القواعد، وأن تُكتب بصيغة بسيطة وواضحة للمتعلّمين، وأن يشرح معناها لهم لكيلا تكون مبهمة عندهم، وأن يدوّنها بلون لافت. 2- أهمّية المحافظة على الهدوء: يبيّن المعلّم أهمّية الهدوء ليس بالنسبة إليه ولا ليعطي الغرفة الصفّية جوّها المرجوّ، بل يجب أن يبيّن المعلّم حرصه على المتعلّمين وخوفه عليهم من الجوّ غير المناسب بأن يقول: أنا أضع قانون الهدوء لأنّي أخاف عليكم من الضوضاء التي تؤثر في عملية تعلّمكم وتسبّب لكم الصداع. 3- احترام الأدوار: يشرح المعلّم للمتعلّمين ضرورة عدم قطع حديثه، أوحديث الزملاء في أثناء شرح الموضوع، مع وعد المعلّم بإتاحة الفرصة للمتعلّمين في إبداء آرائهم أو طرح المعلومات، وهذا ينطبق على الألعاب التعليمية أيضًا بأن تحترم كلٌّ من مجموعات الصفّ بعضها. 4- احترام الوقت: يبيّن المعلّم للمتعلّمين كيفية ضياع الوقت في شرح المواضيع الخارجة عن موضوع الدرس، كقصّ المشاجرات والخلافات التي تحدث خارج غرفة الصفّ، وعادة ما تحدث في المراحل الأولى، ويرشدهم إلى مكان تقديم الشكوى عن تلك الأمور، ويتّفق معهم على أن يتركوا كلّ شيء ويقطعوا الكلام ويعودوا إلى أماكنهم إن لم يكونوا فيها، ويضعوا ظهورهم بشكل مستقيم، ويركّزوا على ما سيقوله عند العدّ إلى (3)؛ ويبيّن لهم مدى حزمه في أنّ مَن يخالف هذا الأمر، فسيكون قد خالف قوانين الصفّ، وهذا أمر غير مقبول إطلاقًا. كلّ تلك القوانين تساعد المعلّم على ضبط صفّه، وينبغي الالتفات إلى أمر مهمّ، ألا وهو السماح بحدوث قليل من الضوضاء المنظّمة في داخل الصفّ، كالألعاب التعليمية الشائقة التي تثير بعض أصوات التشجيع، أو المناقشة وتبادل الآراء الذي يحدث تفاعلًا ممتعًا في الصفّ، فالمعلّم على مدى الدهور هو صانع المجد، ويستطيع تسخير كلّ الظروف والإمكانات البسيطة في مصلحة العملية التعليمية.