رياض الزهراء العدد 198 طفلك مرآتك
سمكة وسنجاب وغيمة
كالعادة من كلّ ليلة، أتى مهديّ وهدى إلى الجدّة بعد أن أنهت صلواتها وتسبيحاتها لتحكي لهما حكاية جميلة، وفي هذه الليلة قالت: يا ولديّ الغاليينِ، سأحكي لكما عن غابة جميلة، يتوسّط أشجارها بحيرة فيها سمكة لطيفة، إلّا أنّ ماءها كان ينقص شيئًا فشيئًا، ولمّا أوشك على الجفاف، خافت سمكتنا أن يتأخّر نزول المطر فتموت، فشحب لونها وبانت عليها علامات المرض. وبينما هي كذلك كان صديقها السنجاب ينظر إليها من أعلى الشجرة وهو متألّم لحالها بشدّة، ففكّر كيف يمكن أن يحلّ مشكلة صديقته المسكينة، فقرّر أن يذهب لجمع الماء ليملأ به بحيرتها؛ لتعود صديقته مثلما كانت من قبل مبتهجةً نشيطةً، فصار يقفز من شجرة إلى أخرى باحثًا عن الماء، وهو يدعو الله تعالى أن يوفّقه لإنقاذها، وإذا بغيمة كبيرة تقترب وتقترب فوقها حتى أنزلت إليها ما في جوفها من غيث، فبدأت السمكة تبتلّ بماء تلك الغيمة حتى امتلأ المكان من حولها وعاد مثلما كان موطنها الآمن. ثم قالت الجدّة: وبينما يا ولديّ كانت السمكة تقفز هنا وهناك معافاةً سعيدةً، عاد صديقها السنجاب بعد أن تلمّس لطف قطرات المطر المتساقطة عليه من بعيد، إذ إنّه كلّما كان يقترب نحوها كان يزداد وجهه فرحًا، وقلبه شكرًا لربّه وربّ الغيمة والسمكة، وهكذا بدأت الغيمة بمغادرة مكانها فرحة لإتمام مهمّتها، وها هو ضياء الشمس ونورها يسطع لتعود السماء مثلما كانت صافية مشرقة. صمتت الجدّة قليلًا، ثم قالت بابتسامتها اللطيفة: ها أنا قد أنهيت قصّتي لكما، فهل أعجبتكما؟ نهضا مردّدان: نعم، نعم يا جدّتي؛ إنّها جميلة جدًا، وقبّلا يديها وذهبا إلى فراشهما وغطّا في نوم عميق حتى مطلع فجر يوم جديد.