رياض الزهراء العدد 198 تاج الأصحاء
جهاد من نوع آخر
التقلّبات المزاجية، وموجات من القلق والحزن المتتابعة، ونوبات من البكاء بلا سبب، والخوف من المجهول، وصعوبة في النوم، وتراجع في التركيز، ما هي إلّا علامات اكتئاب ما بعد الولادة المعروفة أيضًا باسم (اضطراب الاكتئاب النفسي). ومصطلح الاكتئاب ليس مصطلحًا غريبًا على المجتمعات، لكن كآبة ما بعد الإنجاب هي الأقلّ شهرة، وهي شكل من أشكال أحزان الولادة لكونها تصيب الأمّهات الجُدد، أو يمكن أن نعرّفه على أنّه اضطراب نفسي تمرّ به بعض النساء بعد الولادة، وقد يكون ذا تأثير كبير على الأمّ وحياتها اليومية، مثلما يُعدّ هذا النوع من الاكتئاب الأكثر شيوعًا ممّا نعتقد، حيث تعاني منه قرابة (10-15%) من الوالدات. ومن الأسباب التي تؤدّي إليه هو التغيّر الهرموني في جسم المرأة بعد الولادة، فهو المتهمّ الأول في حدوث الكآبة المرافقة للنفاس، وقد تكون الهرمونات المسؤولة عن الحمل والولادة متوازنة بشكل غير طبيعي في هذه المرحلة، ممّا يؤثر في الحالة المزاجية للمرأة، إضافة إلى ذلك، تتعرّض المرأة إلى التغيّرات الجسدية والعاطفية الكبيرة بعد الإنجاب، وهذا يمكن أن يزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب. ومن التغيّرات التي تطرأ على جسم الأمّ في هذه المرحلة، هبوط هرموناتها بشكل سريع وعشوائي عن المستويات المرتفعة التي كانت قد بلغتها في مرحلة الحمل، وشعور الأمّ بالتقصير ووطأة المسؤولية الكبيرة التي تنشأ عن العناية بطفل جديد وتلبية حاجاته، ممّا يفقدها لذّة التمتّع بأوقاتها. ومن أهمّ الإرشادات للتعامل مع الكآبة النفسية ما بعد الولادة: 1ـ أخذ قسط كافٍ من النوم، والحرص على أخذ قيلولة عند نوم الطفل. 2ـ تقسيم مسؤولية الأعمال، وعدم تحمّل كامل المسؤولية. 3ـ عدم إبقاء الأمّ وحيدة لوقت طويل. 4ـ تقديم الدعم من الزوج، وأفراد العائلة، والأصدقاء. 5ـ المواظبة على الرياضة. 6ـ تحدّث الأمّ عن مشاعرها. 7ـ المحافظة على نظام غذائي متوازن. 8ـ الخروج للاستمتاع بالهواء النقيّ، والاستمتاع بنزهة قصيرة. ومن المؤكد أنّ مع كلّ هذه اللحظات المؤلمة للأمّ ومجابهتها للتحدّيات المستمرّة، نجدها تتسلّح بمشاعر الأمومة، وتحاول جاهدة الحفاظ على عائلتها، واحتمال هذه المرحلة بصبر لتسير الحياة بشكل طبيعي، وتنعم مع أطفالها بالسكينة والسعادة، وهذا أقلّ ما يمكن أن نقول عنه إنّه جهاد من نوع آخر.