حمية عن المعاصي

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 189

اخسري (10) كيلو غرامات من وزنكِ في غضون (10) أيام! يمكنكِ خسارة الدهون بدون جهد أو رياضة شاقّة، وبدون حرمان من الطعام اللذيذ، ما عليكِ سوى تناول كبسولة واحدة فقط في اليوم وسترين العجب العُجاب من الرشاقة والجمال، ونظرات الانبهار في عيون كلّ مَن يلمحكِ في أيّ مكان! تلك العبارات وغيرها الكثير ممّا يتمّ نشره في الإعلانات المستمرّة التي باتت الشغل الشاغل لأغلب الأشخاص، ولا فرق بين النساء والرجال في هذا المنحى، فالكلّ يبحث عن الجمال الظاهري مهما كانت النتائج في زمن انتشار الـ(فاشينيستا)، والاستعراض العلني لكلّ تفاصيل الحياة مهما كانت خاصّة، بل إنّه لم يعد هناك ما يُسمّى بـ(خاصّ)، فكلّ التفاصيل أصبحت في متناول الجميع. ومن الملاحظ على بعض النساء تحديدًا أنّه كلّما نقص وزنهنَّ وقلّ قياس الخصر، قلَّت معه قطع الملابس التي تغطّي أجسادهنَّ من الرأس حتى القدمين وكأنّه أمر إلزامي، فهو إنْ دلّ على شيء فهو يدلّ على الاستجابة للهوى، واتّباع خطوات الشيطان التي تسير ببعضهنَّ نحو هاوية لا قرار لها، وربّما هناك مَن خاض تجربة الحمية لسبب من الأسباب، فقد يكون لأمر صحّي أو جمالي، وشعر بالألم النفسي عندما يجبر نفسه على الابتعاد عن الطعام والشراب، ليس طاعةً لله، بل رضوخًا للرغبات الدنيوية غير المنتهية، والكثير منهم لا يكمل الطريق لصعوبته، في مقابل النزر القليل ممّن يستمرّ ويصل إلى القوام المطلوب. وهنا يتبادر سؤال عن هذه القوة والإصرار، وتحمّل الابتعاد عن ملذّات الطعام والشراب لغرض التقاط صور جميلة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصد أكبر عدد ممكن من الإعجابات والتعليقات المحفّزة: هل هذا هو الهدف الكبير والغاية المثلى التي نعيش ونعمل من أجلها؟ فالتعرّف على حمية من نوع آخر، وإرادة لا تُقهر لبدء نظام للتخلّص من فتات الذنوب والمعاصي التي تلوّث الروح، وتتغلغل في ثنايا الأفكار فترديها هشّةً سهلةَ الانقياد لأيّ فكر منحرف، أمر ضروري لتكامل الفرد، وأوليات الحمية الروحية تكمن في التقليل من أيّ أمر لا يتماشى مع الفطرة الإنسانية، وبالتدريج سيتمكّن الشخص من بلوغ أعلى درجات الإيمان، وتتلاشى عنده قوة المغريات، مثلما يجب الإكثار من الغذاء الصحّي للعقل، ويتمثّل في الاستماع إلى القرآن الكريم، ومجالسة العلماء، وترك أكل اللحوم المحرّمة عبر تجنّب الغِيبة، وشرب الماء الزلال البارد ليطفئ لهيب القلب المشتعل بالحقد والحسد، وإدخال السرور على قلوب المؤمنين، بخاصّة الطفل اليتيم، بعد رسم الابتسامة على محيّاه البريء، فيحترق ما تعلّق بالنفس من كبر وغرور؛ لنسمو روحيًا.