التعلق بغصن شجرة هو النجاة
يتعلّق وجودنا على هذه المعمورة بأولى احتياجاتنا وهو الأوكسجين؛ لاقتناص الأنفاس التي تداري حركتنا، وجودنا، نشاطنا، وإلّا انتهت حياتنا؛ ولهذا أصبحت النباتات رئة الأرض؛ لكونها المصدر الأساسي لإنتاج الأوكسجين، فوجود النباتات من الممكن أن يغيّر من طبيعة المناخ، التربة، نقاء الهواء، وأمور أخرى. وفي الوقت الحالي مع انتشار التمدّن والعمران، انحسر وجود القرى والأرياف والمزارع بعد التوسّعات الكبيرة والتغيّرات الديموغرافية، من تحويل المزارع والبساتين إلى بحيرات أسماك لربحها السريع والكبير قياسًا بمحصول أيّ نبات، فقد قاد جشع الإنسان إلى الاستحواذ على مصدر بقائه الأساسي، فأصحبنا نعيش في كهوف كونكريتية مفزعة، بعد أن هُمّشت المساحات الخضراء لتظهر بحضور قليل وخجول، في الوقت الذي تقع على عاتقنا مسؤولية التوعية بمسألة إرضاء الطبيعة وإدامتها، والمبادرة إلى أن تكون المناطق الخضراء الطبيعية مساوية لمتطلّبات الإنسان في التوسّع المدني والعمراني، ويجب أن ننشر الوعي بأنّ الإنسان مثلما يحتاج إلى سقف يحميه من حرّ الصيف وبرد الشتاء، فهو يحتاج أكثر إلى ظلّ شجرة، تقديسًا لمصدر نقاء الهواء ونظافة البيئة، وتلطيفها، ولكن ويا للأسف كلّما زاد التطوّر، قلّت العناية بما يدخل إلى رئتينا، إلّا أنّ هناك مشاريع تُعدّ مفخرة لما وصلت إليه من نتائج، منها (مزرعة فدك للنخيل) التابعة للعتبة الحسينية المقدّسة، و(مزرعة الفردوس) و(مزرعة السدر النموذجية) التابعتين للعتبة العبّاسية المقدّسة في محافظة كربلاء المقدّسة التي تحوّلت من صحراء إلى بساتين نابضة بالحياة تسرّ الناظرين، ومن هذه التجربة يجب أن نعلم أنّ الانشغال بزراعة شجرة في أيّ فسحة كانت هو بمنزلة وضع محطّة أوكسجين دائمة العطاء، ويجب التوعية بأنّ هذه الشجرة يجب أن تُروى لا أن تُهمل، وأن تُقلّم لا تُكسر، فالجدران وحدها لا تكفي لننجو من براثن التلوّث في الغلاف الجوّي، بل مداراة الطبيعة والتمسّك بها كالجواهر هو الحلّ، فالتعلّق بغصن شجرة هو النجاة.