رياض الزهراء العدد 199 استطلاع رأي
الإِعلام ورصانة المعلومات المنقولة
مع انتشار وسائل التواصل وتعدّدها أصبح كلّ فرد في المجتمع إعلاميّ من موقعه، حيث أصبحت وسائل التواصل منصّة إعلامية لبعض المستخدمين لنشر ما يسمعون، أو نقل ما هو متداول، من دون التأكّد من صحّة المعلومة، وتنتقل هذه المعلومات والأخبار بين الناس كأنّها نُشرت في وسيلة إعلامية رصينة وموثوقة، ولكثرة انتشار الإشاعات وضياع الحقائق مع وجود سرعة النشر وسرعة تداول المعلومة، طرحنا سؤالًا على مجموعة من الإعلاميات: ما الوسيلة أو الطريقة الناجعة في إرجاع الرصانة إلى المعلومات التي تتناقلها الوسائل الإعلامية؟ أجابت الإعلامية آلاء طاهر بقولها: كلّنا ندرك أنّ الوسائل الإعلامية المتعدّدة أصبحت بمنزلة مساحة لتبادل المعلومات السريعة وتناقلها، والتهافت على السَبق الصحفي، والظهور بصفة الجهة الأولى للتحكّم بالرأي العام، وهذا ما جعل بعض الوسائل الإعلامية تعتمد أسلوب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مصدرًا للمعلومات، تعتمد فيه على نشر المواطنين، وربّما تكون هذه المعلومات غير دقيقة، أو تحمل وجهًا آخر للحقيقة، لكن يتمّ نشرها والترويج لها، وتصبح من المسلّمات، ونحن بوصفنا صحفيين ذوي خبرة في هذا المجال، نتعامل مع أيّ خبر نتلقّاه بحيادية مطلقة، ولا نتعامل مع أيّ خبر من دون التأكّد من مصادره إن كانت موثوقة أم لا، ونبدأ بتحليل البيانات عن طريق الفيديو والصور المتعلّقة بالخبر؛ للتحقّق من صحّته، ونعمد إلى التشكيك بكلّ الأخبار إلى حين ثبوت صحّتها، مثلما يجب علينا التأكّد من صحّة التواريخ والأسماء الواردة في الأخبار، ومدى وثاقة المصادر المستخدمة، وما مدى مواكبتها للأحداث الراهنة، إضافة إلى الرجوع إلى مجموعة متنوّعة من المصادر، وفحص ما هو مقبول ومصدّق بشكل واسع، وما يكون وجهة نظر أقلّ موضوعية أو منحازة، وما هو أمر واقعي، وفي بعض الأحيان تُلفّق المعلومات بطريقة احترافية، بخاصّة في القضايا الكبرى والأخبار المهمّة، واكتشاف هذا الأمر يتطلّب جهدًا أكبر في تحليل سريع ودقيق للمصادر. وكان رأي الإعلامية سكينة خليل/ مملكة البحرين: ينبغي تجديد الأساليب الإعلامية بما تتطلّبه المرحلة، مع إرجاع الثقة للقنوات الرصينة، وبناء العلاقة بينها وبين الجمهور، وكلّما كان أسلوبنا سلسًا ويصل إلى عامّة الناس، كلّما أسهمنا في رفع ذائقة الجمهور. وقالت الإعلامية زينب... الزبيدي: يجب تنبيه المجتمع إلى أخذ المعلومات من المصادر الموثوقة، فليس كلّ ما نسمعه أو نقرأه صحيح؛ لكون الحقائق غالبًا ما تتعرّض للتشويه. وبيّنت الإعلامية ليلى عبد الهادي رأيها: لا أعتقد أنّ هناك طريقة معيّنة، فالرقابة الإعلامية في أغلب البلدان ضعيفة، وليست بالمستوى المطلوب، إضافة إلى مواقع التواصل التي باتت مفتوحة بحرّية مطلقة للمستخدم، وما يردع المجتمع هو العرف والدين أكثر من أيّ شيء آخر، وبالنسبة إلى رصانة المعلومات، فيمكن أن تعتمد على المؤسّسة ذاتها، أي تكون فرديّة خاصّة، كأن يكون لدى الفرد عمل ما، فيحاول أن تكون معلوماته رصينة وصادقة، أو أن يكون لدينا مراكز للأبحاث بمختلف العلوم كي تتمّ تنقية المعلومات؛ لتخرج رصينة إلى المجتمع. وشاركنا الرأي أحمد العنزي/ رئيس مؤسّسة هِمم للخطاب الإعلامي والتنمية البشرية، فقال: في النظريات الإعلامية الكلاسيكية، كانت نظرية الاعتماد على المعلومات تأخذ بها وسائل الإعلام، وتعمل بها بشكل واقعي، وهي كيفية توظيف المعلومات وطريقة عرضها على الجمهور، بحيث يتمّ التأثير في جمهور معيّن عن طريق هذه المعلومات، بعد ذلك أخذت وسائل الإعلام تتّبع سياسة تحريرية للجهات المملوكة لها، فلم تقتصر هذه الوسائل على نشر الأخبار، بل حوّرت الخبر إلى رأي، وعندما يدخل الرأي في الخبر فأنّه يفرغه من محتواه، ومن ثمّ غيّرت هذه الوسائل النظريات الإعلامية، إلى أن وصلنا إلى عصر الـ(سوشيال ميديا)، الذي ظهر فيه الإعلام البديل أو الإعلام الجديد باعتماد صحافة المواطن أو المواطن الصحفي، فكلا الاصطلاحين متداولان، وفي هذه الحالة أصبح المواطن هو المعني بنشر الأخبار، على أنّ نظرية (حارس البوّابة)* لم تعد ذات أهمّية في هذه الفرضيات، فأصبح المجال مفسوحًا أمام الجميع لنشر ما يريد نشره، والطريقة الناجعة في إرجاع الرصانة إلى المعلومات التي تتناقلها الوسائل الإعلامية هو حثّ هذه الوسائل على العمل في ضمن الضوابط التي وردت في لائحة قواعد البثّ الإعلامي التي أُقرّت من قِبل هيأة الإعلام والاتّصالات، هذه اللائحة شملت في مادّتها الثانية المعايير العامة للبرامج المرئية والمسموعة، وفيها تفاصيل جدًا كثيرة حول البثّ الإعلامي، ويجب أن تُراعى هذه المعايير من قِبل وسائل الإعلام، وصدرت مؤخّرًا لائحة بقواعد البثّ الرقمي، وأُقرّت من قِبل هيأة الإعلام والاتّصالات، وبموجبها تمّ ترخيص وكالات الأخبار والفضائيات التي تبثّ على الإنترنت، وكذلك المدوّنات وبعض المواقع من أجل أن تنال هذه الرصانة، فيجب أن تُسجّل وتُمنح الرخصة من قِبل هيأة الإعلام والاتّصالات كي تكون وسائل معتمدة لدى الجمهور، ويجب حثّ الجمهور على مسالك التمييز بين الخبر الحقيقي والمزيّف، وبين الدعاية والتزييف، فالجمهور عندما يكون واعيًا لا يصدّق الإشاعات التي تحاول بعض الجهات بثّها لكونها ليست مرخّصة ولا رقيب عليها، ولا تعمل في ضمن الضوابط، فهذه الركائز الثلاث: الوسيلة، والجهة المرخّصة، والجمهور، إذا ما تضافرت، فسنجد بأنّ الطرق الناجعة ستعيد للمعلومات رصانتها، ومن ثمّ عندما تُنقل في وسائل الإعلام، فستكون ذات تأثير معتدل لدى الجمهور. ....................................................... *نظرية حارس البوّابة: يُطلق اسم (حارس البوّابة) على الصحفيين الذين يقومون بمَهمّة جمع الأخبار، والذين يُعدّون مصدرًا لها أيضًا، ويقومون بعدّة وظائف مثل تحديد المعلومات وتحريرها وزيادتها بتوسيع البيئة الإعلامية وإعادة ترتيبها وتفسيرها، ويجب أن تتوافر فيهم عدّة خصائص كالمصداقية، والثقة بين مصدر الاتصال والجمهور، إضافة إلى توافر الخبرة والجاذبية وقوة المصدر الذي تمّ الحصول منه على المعلومة.