مُشكِلَةٌ وَحَلٌّ فِي ظِلِّ التَّربِيَة_العلاقة بين الإخوان

فاطمة حسن
عدد المشاهدات : 115

من الطبيعي أن تكون هناك نزاعات بين الإخوة، لكن على المربّي الحاذق أن يُذيب مثل هذه الخلافات فيما بينهم، وهناك أساليب متعددة لأجل اقتلاع النزاعات من صدورهم وزرع أشجار الحبّ والوئام فيما بينهم، فيمكن أن تجعل الطفل يطبع قبلة على وجنتي أخيه بدلاً من أن يوجه إليه الضربات، وذلك عن طريق بعض الوصايا: 1. متى تطبع القُبلة وتوزع الحبّ؟ جاء في الحديث أنه نظر الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى رجل له ابنان، فقبّل أحدهما وترك الآخر، فإنّ المساواة فيما بين الأبناء في توزيع القُبل والمحبة والنظرات والابتسامة في وجوههم يزرع المحبة فيما بينهم ويبدل مكان البغض والعداء توطيد العلاقة فيما بينهم والمحافظة عليهم لِئَلّا يصنعوا مثل ما صنع إخوة يوسف (عليه السلام) معه، فإذا أردت أن تقبل أحداً من أبنائك أو تضمّه إلى صدرك وتعطف عليه بالحبّ والحنان لا تنسَ أن تفعل ذلك في وقت لا يلحظك فيه أبناؤك الآخرون، وإذا أردت أن تفعل هكذا فساوِ فيما بينهم. 2. بيّن أهمية الأخ لأخيه: إذا أردت أن يسود الحبّ بين أبنائك فما عليك إلّا أن تبيّن أهمية الأخ لأخيه، وتشرح له الفوائد الجمّة التي يفعلها الإخوان لبعضهم بعضاً وهنا لابدّ من أن تسرد الأحاديث لأولادك والتي يتم من خلالها توضيح أهمية الأخوّة، يقول الإمام علي (عليه السلام): “الإخوان جلاء الهموم والأحزان”(1)، ويجب أن تسرد قصة الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس في معركة كربلاء، حيث كان العباس (عليه السلام) خير ناصر ومعين لأخيه، حتى إنه لمّا سقط على الأرض صريعاً، جاء الإمام (عليه السلام) وقال: “الآنَ انْكَسَرَ ظَهْري، وَقَلَّتْ حيلتي”(2) فالأخ هو الساعد الأيمن لأخيه، وقد تجلّى ذلك أيضاً في قصة النبيّ موسى (عليه السلام)، حينما قال: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي  هَارُونَ أَخِي  اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي  وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)/ (طه:29-32) بهذه الطريقة قد أشعرت ابنك بأهمية أخيه، ومن ثمّ قد شددت أواصر العلاقة والمحبّة بينهم. 3. اسقِ شجرة الحبّ بينهم: المربّي الناجح هو الذي يقسّم المحبة بين أبنائه، ويقوم بإروائها وسقيها بكلّ وقت، يروي أحد الآباء عن تجربته مع أبنائه، يقول: قد رزقني الله (عزّ وجل) الوليد الثاني بعد أن جاوز عمر الأول السنتين، وحمدت الله تعالى كثيراً، أخذ ولدي الأول يشعر تجاه أخيه كما يشعر الإنسان تجاه منافسيه، كان ينظر إليه باستغراب ودهشة وعدم رضا، وكأن علامات الاستفهام تدور في مخيلته تقول: لماذا احتلّ هذا الغريب مكاني؟ مَن هذا الجديد؟ هل يريد أن يأخذ أمي مني؟ وبدأ الحسد والغيرة تدبّان في نفسه حتى إنه تسلّل إليه وصفعه وهو في مهده، وكانت هذه آخر صفعة، حيث أدركتُ على الفور أنه لابدّ من وضع حلّ ناجح يمنع الأذى عن هذا الرضيع، وفكرت في الأمر ملياً حتى اهتديتُ إلى فكرة، وسرعان ما حولتها إلى ميدان التطبيق، حيث جئتُ ببعض اللّعب الجميلة، والمأكولات الطيبة ووضعتها في المهد عند طفلي الرضيع، ثم جئت بولدي الأكبر وأفهمته بالطريقة التي يفهمها الأطفال أنّ أخاه الصغير يحبّه وقد جاء له بهدايا جميلة، ثم أمرته بأن يأخذها منه، فأخذها وهو فرح مسرور لا يخامره أدنى شكّ في ذلك. ومنذ ذلك اليوم لم أترك هذه العملية حيث أوصيت زوجتي بأن تقدّم الأشياء التي تريد تقديمها لولدنا الأول باسم الصغير، مثلما فعلتُ أنا في بادئ الأمر، وكلّ يوم يمضي كان ولدي الأكبر يزداد حباً لأخيه حتى وصل الأمر إلى البكاء عليه فيما إذا أخذه أحد الأصدقاء وقال له مازحاً: إنني سأسرق أخاك منك. فلابدّ لكلّ مربٍّ من أن يتبع التوجيهات أعلاه حتى يكون ناجحاً في توطيد العلاقة بين الأخ وإخوته، وزرع شجرة المحبّة والودّ والوئام والألفة فيما بينهم، وبذلك يكون ناجحاً في تربيتهم. ................................. (1) عيون الحكم والمواعظ: ص65. (2) موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام): ص570.