رياض الزهراء العدد 199 ألم الجراح
مراسيم تبشر بالولادة
تقف سامراء كأنّها جبل شامخ على شغاف الانتظار.. تترقّب مولودًا رسمت ملامحه روايات جدّه الرسول المصطفى (صلّى الله عليه وآله).. ولوّنت سجاياه بألوان العصمة والولاية.. فكانت لوحة وجوده نورًا عانقتها شمس الهداية.. تضيء كأنّها لؤلؤة تنير سواد الليل.. لطائفه متراكمة كالغمام في أنفاس الصباح.. تنشرها منارتا العسكريّين (عليهما السلام) على مسامات الخواطر الظمأى للنور.. وفي حناياها تتوارث المشاعر والأحاسيس نبضاتها ترياقًا.. يجيء مهلّلًا أمام أبواب الله ومفاتيح رحمته، فيزداد الربيع وَلَهًا بجماله.. ويفيض شوقًا إليه، ويتدفّق رقراقًا فرحًا بقدوم دُرّة النور التي ستهبنا لحظة إشراقه ممرًّا مطمئنًّا حول مشهده المبارك في سامرّاء.. نجد فيه قطافًا حانية، نُسجت من رقّة الأزهار، تحملنا عبير الشكر والثناء، وتطمعنا بالخوف والرجاء.. وإنّ أثير الأرواح تحت ألطاف سماء سامرّاء النورانية تنتقل إلى خارج حدود الزمان والمكان؛ لتكون في حضرة الحسن العسكريّ (عليه السلام) ملتفّة في ضمان حفظه وعهده.. ففي حضرة عينيه المباركتين هدية ربّانية ثمينة، تفتح أبواب القلب على مصراعيه؛ لتسمع ذلك الصوت الهادر من بين تلك الشفاه المقدّسة.. تجعل عواقبنا خير العواقب، ومصيرنا خير المصائر.. تُمسح بطهارته كلّ الذنوب، ويطير جناح الخلود السرمدي عبر الآفاق.. وينثر اسمه في مدينتي الضياء والإشراق.. ويفكّ الأسر عن النفوس والأشواق في زمان ينشد الحرّية والانعتاق.. فتحنّ أرواحنا إلى موطئ أقدامه، ونفوسنا تهوى النظر إلى عرصاته التي استعبدت بزيارتها أهل السموات والأرضين.