التوحد: خطورته والوقاية منه

آيات حسين الخالدي/كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 226

يُمثّل (التوحّد) آفةً اجتماعية ونفسية عصفت بالمجتمعات العالمية، ولم تزل تتفشّى فيها على الرغم من كلّ محاولات إيقاف زحفها، والتخلّص من آثارها المأساوية، وتذهب معظم الدراسات إلى أنّ التوحّد هو اضطراب في القدرات العقلية والجسمية، يحصل لبعض الأطفال في مرحلة الطفولة، ومن أهمّ أعراضه: ضعف في اللغة وعدم فهمها، وعدم التعامل مع الآخرين لاسيّما الوالدين، وعدم التفاعل الاجتماعي والعاطفي، فضلًا عن الصعوبة في التخيّل، وعدم الاستجابة للمثيرات الحسّية، والسمعية، والمثيرات العائلية، وتعود أسباب هذا الاضطراب النفسي إلى مشاكل متعدّدة تؤدّي إلى هيمنة اضطراب التوحّد على الطفل، منها أسباب نفسية تتمثّل بإصابة الشخص المصاب به بمرض الانفصام الذي يسيطر عليه منذ الطفولة، ويستمرّ معه كلّما تقدّم بالعمر. ومن الأسباب الأخرى المؤدّية إلى وقوع الشخص ضحيّة التوحّد ما يتّصل باضطرابات تحصل في الدماغ والقدرات العقلية، وكيفية التفكير والتخيّل واستخدام الحواسّ، وكذلك من الأسباب التي تؤدّي إلى حصول اضطراب التوحّد عند الأطفال العقاقير الطبّية، أي عندما تقوم الحامل بتناول الأدوية والمسكّنات وغيرها، وكلّ هذا يتسبّب بحصول التوحّد عند الجنين منذ الحمل. مثلما تؤثّر العوامل الوراثية أو الجينات الوراثية في حدوث هذا الاضطراب، حيث تكون هناك طفرة في الكروموسومات التي تؤدّي إلى إصابة الطفل باضطراب التوحّد. ومن الأسباب المؤدّية إليه ما يتّصل بالحياة الاجتماعية الأسرية والبيئة المحيطة به، منها: علاقة الأُمّ والأب داخل المنزل، هل هي علاقة سعيدة أو مشتّتة؟ إذ إنّ لعلاقة الأمّ والأب المضطربة أهمّية بالغة في إصابة ولدهما بالتوحّد، فكثرة المشاكل داخل الأسرة، وعدم الاستماع إلى الطفل ومنحه الوقت الكافي، وعدم اللعب معه وإعطاؤه الحنان اللازم، وتركه في عزلة تامّة دائمًا، كذلك ترك الطفل لساعات طويلة على الأجهزة الإلكترونية من دون رقيب، كلّ ذلك يؤدّي إلى إصابة الطفل بالتوحّد. ولهذا الاضطراب أنواع متعدّدة، منها ما يُعرف بـ(متلازمة اسبرجر)، و(متلازمة الكروموسوم الهشّ)، و(متلازمة لاندو كليفنر)، و(متلازمة موبياس)، و(متلازمة كوت)، و(متلازمة سوترس)، و(متلازمة توريتي)، و(ليامز)، وعلى الرغم من تعدّد أنواعه إلّا أنّ معظم أنواع التوحّد تشمل ضعف القدرات العقلية والنطقية، وضعف الدماغ وقصور في مهارات التوازن، فضلًا عن الاكتئاب، وعدم الشعور بما يحدث في الجسم من ألم، واضطرابات في النموّ الجسمي، مع مشكلات في الجهاز العصبي تؤدّي إلى ضعف بصري وكلامي، ممّا يؤدّي إلى عدم القدرة على التفاعل، وقلّة المهارات الحركية. طرق علاج اضطراب التوحّد والوقاية منه، أهمّها: 1ـ على الوالدين ترك الطفل يقوم بأعماله اليومية بنفسه كارتداء الملابس، والأكل، وغير ذلك؛ ليتعلّم الاعتماد على نفسه لا على الآخرين، فذلك يقوّي ثقته بنفسه، ويُعزّز من قوة شخصيته، ويجعله بعيدًا عن خطر الإصابة باضطراب التوحّد. 2ـ اتّباع مبدأ الثواب، فالسلوك العدواني عند بعض الأطفال قد يؤدّي إلى التوحّد، فيصبح هذا السلوك أمرًا طبيعياً؛ لأنّ المتوحّد يعتاد على إلحاق الأذى بالأطفال الآخرين، فيمكن للوالدين التخفيف من هذا السلوك عندما يكتشفونه عند أطفالهم عن طريق المكافآت المعنوية والمادّية، وكذلك الأنشطة المختلفة، كالرسم واللعب وغيرها، وينبغي تجنّب مبدأ العقاب، كضرب الطفل؛ لأنّه يؤدّي إلى زيادة نسبة هذا السلوك، وقد يؤدّي إلى التوحّد. 3ـ من أهمّ طرق الوقاية في مرحلة تسبق خطر إصابة الطفل بالتوحّد هو منعه من السلوك التخريبي، لاسيّما الطفل الذي لا يستطيع اللعب بطريقة صحيحة وسلمية، بل يمزّق الأوراق ويخرّب الألعاب، ويمارس الرسم على الحائط، بخاصّة الذي يشعر بالمتعة والإثارة حين تتكسّر الأشياء، فهذه الممارسات تجعل الطفل قريبًا من الإصابة بهذا الاضطراب، وهنا سيكون من الضروري على الوالدين وضع مكان مخصّص للعب الطفل، فمثلًا التراب والماء هما أقلّ إثارة للمتاعب، وأقلّ عرضة للتكسير، حيث يمكن اللعب في حديقة المنزل، ووضع سياج خاصّ للزهور والأشجار بعيدًا عن متناول يده، حتى لا يعتاد على تخريبها، فضلًا عن وضع غرفة داخل المنزل يستطيع أن يلعب فيها بحرّية أكثر، مع ضرورة توفير ألعاب ذات أنشطة فعّالة، ومراقبته بصورة دقيقة وإحاطته بعناية تامّة؛ لتفادي الوقوع بهذا الخطر قبل فوات الأوان.