رياض الزهراء العدد 91 لحياة أفضل
أَنَا مُسْلِمَة
في بيت تفوح من أركانه نسمات الإيمان، تعوّدتْ أن تسمع صوت آيات القرآن الكريم تُتلى بصوت حزين؛ فيخشع قلبها الصغير، وتدمع عيناها على الرغم من خفاء الكثير من معاني هذا النور الصادق والحق الناطق وأسراره. ولكنه تغلغل في كلّ ذرة من كيانها، وأيقنتْ أنّ لحظات الهدوء والاطمئنان مقرونة بتردّد هذه الذبذبات القدسيّة في أرجاء بيتها، وأدركتْ أنّ السعادة حليفة مَن ينقاد إلى أحكامه، فنشأتْ كالنبتة الطيّبة في الأرض الطيّبة. وفي أحد الأيام توجهتْ مع أمّها لزيارة إحدى قريباتها، وفُوجئت هناك بطلب قريبتها منها أن تخلع حجابها محلّلة طلبها بأنها ما تزال صغيرة، وأنّ منظرها غير جميل، فاتسعتْ عيناها واحمرتا، ولكنها هدأت وأجابتها: أنا مسلمة والحجاب أمر إلهي وواجب على كلّ امرأة، قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..)/ (النور:31). فنظرتْ إليها أمّها واحتضنتها، وأكملت: إنّ الحجاب لم يُشرّع لإبراز جمال المرأة، بل هو ساتر لأنوثتها وحافظٌ لعفتها وحيائها، ومطهرٌ لروحها، وحاجبٌ عن النظرات المريبة، وصيانة المرأة في الإسلام تعني صيانة المجتمع من الانحراف والفساد، فعلى كلّ امرأة أن تلتزم بهذا التشريع السامي؛ لتسلم من الأذى، وكذلك تُجنب المجتمع خطر السفور والتهتك والانحلال. قال تعالى في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ..)/ (الأحزاب:59).