الأَخضر لون الحياة
للحياة ألوانها الزاهية والمختلفة، حتى أصبح لكلّ منّا لونه أو ألوانه التي تنجذب إليها روحه، ولو أعطينا لونًا يميّز الحياة، فهو اللون الأخضر بتدرّجاته المتنوّعة. تجفّ مشاعرنا حينما ننظر إلى الصحراء القاحلة الفاقدة للحياة، وهل الحياة إلّا لونها الأخضر الذي تعكسه مرآة النباتات، بتزويدها الجوّ بالهواء النقيّ، وقد دأب الأنبياء والأئمة الطاهرون (عليهم السلام) على الزراعة والحثّ عليها، مثلما جاء عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "ما من مسلم يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلّا كانت له به صدقة"(١)، فالاهتمام بالغرس والزراعة من المستحبّات الضرورية؛ لكونها توأم الإنسان التي شاركته بحبلها السرّي، مثلما جاء في قوله تعالى: (وَٱللَّهُ أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا) (نوح:17)، وغيرها من القرائن التي تربط بيننا وبين الطبيعة. وقد ورد عن عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) أنّه قال: "ثلاث يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، والنظر إلى الماء الجاري، والنظر إلى الوجه الحسن"(٢)، والتفسير الطبّي لذلك هو أنّ للإنسان (3) مستقبلات رئيسة للألوان في القشرة الخلفية الدماغية، وهي (الأزرق، الأخضر، الأحمر) وتستقبل الشبكية جميع أمواج الألوان الواقعة بين (400) نانو متر للأزرق، وهو الأقلّ إلى (700) نانو متر للأحمر وهو الأقوى، وفي الوسط يقع اللون الأخضر، وبسبب موقعه المركزي وسهولة استقطاب اللون وسرعته، فهو أكثر لون يريح البصر؛ لأنّه يملك طولًا موجيًا يعادل (555) نانو متر، وهو أكثر لون يجلو البصر، فلون الحياة يضفي على مَن يتأمّل في جماله حياةً، وله انعكاسات نفسية لطيفة وصحّية واقتصادية، وغيرها. كم من الجميل والصحّي أن ندخل اللون الأخضر إلى بيوتنا عن طريق النباتات الظلّية؛ للقضاء على الجزيئات المؤكسدة والمسبّبة للأمراض، ولتلطيف الجوّ، ولجمال المنظر، إضافة لاستخدامه في تصاميم البيت والأثاث والملابس وغيرها بشتى تدرّجاته؛ ليعطي جمالية وإشراقة مميّزة، تسرّ الروح وتبعث على السكينة. ............................................................... (١)ميزان الحكمة: ج2، ص١٤١٠. (٢)وسائل الشيعة: ج20، ص60.