رياض الزهراء العدد 91 مناهل ثقافية
لَيتَنَا نَسْتَطِيع
كان يوم سعدي حين سمعت فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية، فمنذ صغري وسيدنا ومولانا أبي الفضل العباس (عليه السلام) كان يحلّق في مخيلتي، شجاعته وتضحياته قصص أضافت إلى طفولتي رونقاً خاصاً، نشأتُ على حبّ أهل البيت (عليهم السلام)، وكبرتُ على عشق الإمام علي (عليه السلام)، وتشرفتُ أن أصبحت خادماً للإمام الحسين (عليه السلام)، وها أنا ذا قد سجلتُ اسمي في سجل العاشقين لألتحق بالحشد الحسيني وأدافع عن عقائدي ومقدساتي ووطني؛ ليصبح عشقي لأهل البيت (عليهم السلام) أكثر من مجرد قصص سمعتها في طفولتي، حان وقت الرحيل وودعتُ عائلتي وأنا أرى نظراتهم الحائرة بين خوفهم عليّ وبين فخرهم بما أفعله؛ لذا أسرعتُ بالرحيل وعندما وصلتُ إلى جبهة القتال رأيتُ الأبطال عشّاق الحرية عشّاق (هيهات منّا الذلة) أولئك الرجال الذين كسروا شوكة أشباه الرجال من أحفاد يزيد والشمر. كانت انتصاراتنا متتالية فقد مررنا بأيام عصيبة، أصبح الوضع هناك شبه طبيعي، فنزلتُ في إجازتي لكنني لم أستطع الذهاب إلى البيت؛ كي لا تراني عائلتي، وبخاصة أطفالي فيتعلق قلبي بهم، فيُضعف ذلك حماسي في القتال، فذهبتُ إلى زيارة الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس، وما إن أتممتُ مراسيم الزيارة وإذا بصديقي يتصل بي ليخبرني أنّ العدو قد هجم وغدر بهم وهذا من شيم أبناء آكلة الأكباد، أغلقتُ هاتفي وقطعتُ إجازتي وذهبتُ مسرعاً إلى القتال، وصلتُ إلى ساحة المعركة وما تزال رائحة الحرم المقدس تفوح منّي، أصببنا نيران غضبنا عليهم، وكان القتال عصيباً واقتربنا من النصر لولا قنّاص العدو الذي أعاق تقدّمنا، فتمكنتُ من معرفة مكانه، وأخبرت مَن معي وبدون تردّد اقتربتُ منه وأوشكتُ على قتله ولكن.. سبقني ذلك الملعون التكفيريّ وأطلق رصاصته في رأسي، سقطتُ على الأرض وأنا أرى أصدقائي يصرخون عليّ ويبكون، ابتسمتُ وفارقتْ روحي الدنيا ونلتُ الشهادة وبها ختمتُ قصة العشق لأهل البيت (عليهم السلام). أشعر بسعادة لا توصف لأنني التحقتُ بالركب الحسيني وقاتلتُ تحت لواء أبي الفضل العباس (عليه السلام)، أمي وأبي وزوجتي وأطفالي لا تحزنوا عليّ ولا تبكوا، فليتني أستطيع أن أعود إلى الحياة كي أنال الشهادة مرة أخرى، لا تحزنوا عليّ فدمائي اختلطت بدماء شهداء الطف، وحققتُ انتصارات سينحني التاريخ لها احتراماً، انتصارات حوّلتُ جرف الصخر إلى جرف النصر.