(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 341

إنّ الإنسان يمكنه أن يكون من أهل الفلاح عن طريق كلّ فعل يفعله، يكون فيه نفع وفائدة له وللآخرين، فقد قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ((الحجّ:77)، ففي الآية المباركة نداء للمؤمنين يأمرهم بالصلاة، وبالعبادة بأشكالها المختلفة، وبفعل الخير، ثم في ذيل الآية جاء: )لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( التي تبيّن للإنسان أنّه: (كما أنّ صلاتكَ طريق لفلاحكَ، وأنّ عباداتكَ طريق لفوزكَ ونجاحكَ، فكذلك فعل الخير طريق لفلاحكَ وسعادتكَ وتوفيقكَ)(1). إنّ مفهوم الخير واسع لا ينحصر في مصاديق محدودة، كعدم اقتصار العبادة على خصوص الصلاة، فهناك عبادات أخرى، وهذه السعة في الخير المذكور في الآية الكريمة مدعاة إلى الترغيب والتشجيع على فعل أعمال صالحة لا حصر لها، فلم تقيّد الآية الخير بالكثير أو الكبير أو الشاقّ، فحتى لو كان قليلًا سهلًا فهو مشمول بـ)وَافْعَلُوا الْخَيْرَ(، ثم إنّ الروايات الشريفة أيضًا دعت الإنسان إلى فعل الخير، وعدم التفريط والزهد فيه، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "كُنْ عامِلًا بِالْخَيرِ، ناهِيًا عَنِ الشَّرِّ..."(2)، فمن الوظائف الأساسية للإنسان في هذه الدنيا أن يكون من عُمّال الخير، ومن أهله، ومن المبادِرين إليه، والمؤسّسين الداعِمين له، بل من المُشجّعين، لا من المُتفرّجين الذين لا همّ لهم إلّا أنفسهم، والأسوأ من المُتفرّجين الذين يعيشون الإحباط واليأس، ويضعفون معنويات القائمين على الخير، إذ يُرجى من المؤمن أن يكون معينًا وسندًا، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "إذا رأيتم خيرًا فأعينوا عليه، وإذا رأيتم شرًّا فاذهبوا عنه..."(3)، وهناك مَن لم يستفد من إمكاناته، ولم يستثمرها لتكون له ربحًا في الدنيا والآخرة، فعنه (عليه السلام) أنّه قال: "فعل الخير ذخيرة باقية، وثمرة زاكية"(4)، وأيضًا من التشجيع والترغيب على فعل الخير هو أن يتمّ تقدير فاعل الخير، إمّا بكلمة شكر، أو بإظهار المشاعر الطيّبة والمحبّة، وإمّا بصور أخرى، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "ليكن أحبّ الناس إليكَ وأحظاهم لديكَ، أكثرهم سعيًا في منافع الناس"(5)، فيكون تقديره أكثر من غيره لميزة فيه، وهي كونه كثير الفائدة والنفع. ........................................ (1) نُقل بتصرّف عن تفسير الميزان: ج14، ص411. (2) عيون الحِكم والمواعظ: ج1، ص393. (3) بحار الأنوار: ج72، ص321. (4) ميزان الحكمة: ج1، ص 838. (5) مستدرك الوسائل: ج12، ص391.