"بشر في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنة"

فاطمة صاحب العواديّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 261

عظيم هو ديننا، ليس فقط بالتشريعات الأساسية، بل بكل تفاصيله الدقيقة التي تدخل حياتنا اليومية، فكأنما يضع في كل مسار من مسارات حياتنا بوصلةً ترشدنا إلى الطريق الأسلم، الطريق الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة، فالإنسان في الإسلام هو محور الكون، وسعادته وكماله هي الغاية، وكمال الإنسان إنما يكون بسمو روحه وحسن خلقه، ومن مكارم الأخلاق التي حث عليها أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) هو البشاشة والبشر. مجلس اليوم محوره حديث شريف مروي عن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث قالت: "بشر في وجه المؤمن، يوجب لصاحبه الجنة..."(1)، وهذا الحديث الشريف فيه إضاءة نفسية، وتوجه أخلاقي راقٍ، فأهمية البشر والبشاشة تكمن في تأثيرها في من حولنا، فهي منتجة للطاقة الإيجابية، وهي مدعاة إلى المحبة والألفة، فقد روي عن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "حسن البشر يذهب بالسخيمة"(2)، أي يذهب بالكراهية والجفاء؛ لذا بادرت أم علي بمحبة واحترام قائلةً: هنيئًا لك يا أم جعفر! أم جعفر: هنأك الله برضاه، لكن لأي شيء تهنئين؟ فنعم الله كثيرة! أم علي: أنت بفضل الله مستبشرة راضية، تستقبلين من يلقاك بوجه باسم على الرغم مما تحملين من آلام. أم حسين: وهذا ينعكس إيجابيًا على من حولك. أم جعفر: الحمد لله، فلقد أسبغ الله علينا نعمًا كثيرةً جديرةً بالشكر والحمد، فإن حرمنا من نعمة ما، فعلينا أن نتذكر ما عندنا، فهذا يجعلنا أكثر رضًا وقناعة. أم حسين: بوركت، فهناك أمور يقينية، ينبغي أن تكون نصب أعيننا عندما تضيق بنا الدنيا وتحاصرنا الهموم، وبشكل عام إن الله تبارك وتعالى لا يريد بنا إلا خيرًا. أم زهراء: بكل تأكيد، فهو أرحم الراحمين والأعلم بما ينفعنا وما يضرنا، وهو الحاكم بالحق. أم جعفر: وهذا ما يجعلني مطمئنةً راضيةً، فأحيانًا أدعو الله تعالى فلا أجد إجابة سريعة، وبعد مدة أعرف أن عدم إجابة دعائي كان لإمر ينفعني أكثر. أم علي: لقد أشار إمامنا المنتظر (عجل الله فرجه) إلى هذه الحقيقة في دعاء الافتتاح: "...فانْ ابْطأ عني عتبْت بجهْلي عليْك، ولعل الذي ابْطأ عني هو خيْرٌ لي لعلْمك بعاقبة الاْمور،..."(3). أم زهراء: مثلما أن هناك بعض أنواع الابتلاء التي يريد الله تعالى بها أن نعود إليه، فبعدما تجذبنا الدنيا إليها، تارةً بهمومها وأخرى بمغرياتها، فننسى أن أساس الأمان والسعادة هو القرب من الله (عز وجل)، فبفطرة الإيمان نلجأ إليه، ونسكب الدموع ونبث الشكوى، وبرحمته تطهر أرواحنا، ونستعيد قوانا. أم حسين: أجل، فأن الله تعالى يحب أن يكون المؤمن قويًا له تأثير إيجابي في نفسه وفي من حوله، فلا يستسلم للحزن، ولا يدع الهم يسيطر عليه، مثلما روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه"(4)، فالحزن مهما كبر، فلا يجب أن يكون عائقًا عن قيامنا بواجباتنا العائلية والشرعية والأخلاقية. أم جعفر: فالسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) إلى آخر يوم من حياتها الشريفة كانت تقوم بواجباتها لكونها السيدة الحانية والمسؤولة، على الرغم مما بها من الآلام. أم حسين: ونحن المنتظرون ظهور العدل المؤمل، على الرغم مما مر بنا من شدائد واضطهاد، وظلم، وتهجير، نبقى نتطلع لذلك اليوم الذي تمتلئ فيه الأرض عدلًا وأمانًا وسلامًا. أم علي: والانتظار الحقيقي الذي يحثنا عليه أئمة الهدى (عليهم السلام) هو انتظار العمل والمثابرة. أم جعفر: إن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحاربة الفساد من أهم الأعمال التي تعجل الظهور المبارك. أم زهراء: ولنبدأ بأنفسنا ونراقبها، ونحصنها بحب الله تعالى والسير على نهج الهداة الأبرار محمد وآله الطيبين الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين). ........................... (1) بحار الأنوار: ج72، ص401. (2) المصدر نفسه: ج71، ص172. (3) المصدر نفسه: ج 95، ص 132. (4) المصدر نفسه: ج64، ص305.