ابنتي والإسراف

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 87

بنيتي العزيزة: يا وردتي التي أتعطر بشذاها، ويزول همي بنظرة إلى بهاء محياها، وأسعد عندما أراها وهي تخطط لحياتها وتبني مستقبلها، فألهج بالدعاء لها وأسأله سبحانه أن يوفقها في مسعاها، ويثبت على طريق الاعتدال في جميع المجالات خطاها، ويبعدها عن الإسراف والتبذير، ويجعلها واعية حكيمة في الإنفاق بشكل صحيح بعد التأمل والتفكير، فالإسراف مذموم في الكتاب المبين، مثلما ورد التحذير منه في كلمات المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين)؛ لما له من أثر سيئ في الدنيا والدين، فاحذري رعاك ربي منه، وكوني فطنة في التصرف بمالك؛ لأنك مسؤولة غدًا عنه: من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ فأعدي الجواب؛ كي تكوني من أهل السعادة يوم الحساب. واعلمي عزيزتي أن حسن التدبير أمر لا غنى لك عنه في رحلة حياتك، فبه تتمكنين من إدارة بيتك، وتنظيم أمورك، ومساعدة زوجك، وسعادة أسرتك، فالمرأة الصالحة يا بنتي هي من تبذل قصارى جهدها، وتسخر جميع مواهبها لتحسين شؤون بيتها، فتجعل منه خير البيوت، وتكون هي من أفضل الزوجات، وأكثرهن يمنًا وبركة على زوجها، تحفظ أتعابه، وتثمن جهوده، وتبارك سعيه، وتسند ظهره، وتعينه على دنياه ومسؤولياته، فتقلل من شكواها، وتقصر نظرها على ما يسره الله تعالى لها، فلا تشغل نفسها بما تشتغل به غيرها من الكماليات والأمور التي تثقل كاهل الزوج، فتعيش الأسرة حياة طيبة مستقرة؛ لأن فيها امرأة عاقلة مدبرة، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "حسن التدبير ينمي قليل المال"(1)، وهذه الكلمات نبراس الصالحات في بيوتهن، فعن طريق حسن التدبير، والحكمة، والترشيد في النفقات، يسعدن في حياتهن، وربما تكون أفضل بكثير من حياة غيرهن، فتأملي غاليتي قبل الشراء وتساءلي: هل أنا فعلًا أحتاج إلى ذلك؟ فالكثير من الأمور التي تنفق عليها الأموال ليست بضرورية، ولو دققت النظر، فستجدين أن الباعث وراء شرائها تقليد الأخريات، وحب الظهور بمظهر الغنيات، والخوف من الانتقاد، والتطلع إلى المديح، والحل هو امتلاك الوعي، والتسلح بالمعرفة والحكمة والغنى الذاتي. إن الإنفاق في ضمن الحدود المعقولة، بعيدًا عن الإسراف والتقليد الأعمى، دليل على رجاحة العقل ووفور الوعي، وهذا ما يهبك مكانتك بين الناس، لا العلامة التجارية لثيابك، أو صرعة هاتفك، أو لون حقيبتك! فركزي يا كنزي على ما يسمو بذاتك، واهتمي بنفسك وجمال روحك، واستثمري ما وهبك ربك في إسعاد زوجك وأولادك، ودفء حياتك، ولتكن مولاتك الزهراء (عليها السلام) نبراسك في جميع خطواتك. ..................... (1) ميزان الحكمة: ج2، ص١٣٨٥.