رياض الزهراء العدد 201 طفلك مرآتك
الطلاق وتأثيره في الأطفال
يعد الطلاق اليوم من أكثر المشكلات التي تؤرق المجتمعات بشكل عام والعربية بخاصة، وقد أخذ اهتمامًا واسعًا من قبل علماء النفس والاجتماع، وكذلك علماء الدين، باحثين عن أهم الأسباب التي تؤدي إليه؛ إذ إن معظم مشكلات الانفصال بين الزوجين تعود إلى سوء الاختيار، وعدم تطابق الأفكار، والفرق الكبير في السن، فضلًا عن الاختلاف الثقافي، وعدم الإنفاق على الأسرة، والهجْر والقسوة الدائمة، وتدخل أهل الطرفين في خصوصيات الزوجين، والسبب الرئيس في عدم استمرار الحياة الزوجية يعود إلى كثرة الخلافات التي تحدث بين الزوجين، وتراكمها مع مرور الوقت بلا حلول، فعلى الرغم من أنها طبيعية تحصل بين أي زوجين، إلا أن تركها تكبر وتتفاقم مع عدم التنازل من أحد الطرفين، وعدم إيجاد الحلول المناسبة للوصول إلى حالة تفاهم مشتركة، يؤدي إلى جو أسري مهزوز، ويخلق حياةً غير مستقرة، فتأتي فكرة (أبغض الحلال) وهو الطلاق، فكثرة الخلافات والمشاكل الزوجية العالقة مع وجود الأطفال داخل الأسرة، يؤثر سلبًا في نفوس الأطفال، وتسبب لهم اختلالًا في التوازن النفسي مستقبلًا؛ إذ إن النظام النفسي وتكوين الشخصية يتم في مرحلة الطفولة، فإذا تعرض الطفل إلى هزات عاطفية في هذه المرحلة، فإن ذلك سينعكس بشكل سلبي على شخصيته المستقبلية، والحفاظ على سلامته النفسية يعد من أهم مسؤوليات الوالدين، فلابد من احترام استقلاليته وتفهم نظرته لهذه الخلافات، ففي هذه المرحلة من العمر يكره الطفل أن يترك أمه، مما يجعله عرضةً للخوف وفقدان الأمان العاطفي، ويسبب الطلاق تغيرًا جذريًا في شخصيته وحياته، ويترك آثارًا سلبيةً وخيمةً في مستقبله. إن أسباب الانفصال قد لا تكون معروفة لدى الأطفال ويحصل ذلك بشكل مفاجئ، مما يجعل تأثيره فيهم حادا قاسيًا، وهنا تقع على عاتق الوالدين مهمة كشف الضبابية أمام الأطفال، وإخبارهم بأنهما سينفصلان ولن يعيشا سويا بعد الآن، وبأن ما حصل ليس غلطة الأطفال أنفسهم، بل هو قرار نهائي لعيش الوالدين منفصلين عن بعض، وعلى الأم أن تتكلم مع طفلها عن أبيه الغائب وأنه ما يزال يحبه وما يزال والده، وسيأتي إلى زيارته بشكل منتظم، وكذلك إخباره أنهم ما يزالون يتواصلون، حتى إنْ لم يكونوا يعيشون سويةً، فهذا التوضيح سيكون كافيًا؛ فالأطفال ليسوا بحاجة إلى أن يعرفوا كل تفاصيل الأسباب التي أدت إلى الطلاق، فقط يكفي تهيئتهم نفسيًا ليتعايشوا مع الوضع الجديد بعد إخبارهم بالحقيقة أو جزء منها، فالصدق مع الطفل يساعده على استيعاب هذه الصدمة.