ظل الأرنب

آيات مالك الخطيب/ كربلاء المقدّسة رسوم: فاطمة نعيم الركابي/ذي قار
عدد المشاهدات : 70

في مروج خضراء وسط الغابة كان يعيش أرنب صغير ذهبي اللون، اشتهر بجماله وبريقه بين جميع سكان الغابة، وكل من كان يراه يتمنى أن يكون له فرو مثل فروه الجميل. كان لهذا الأرنب صديق خاص، وهو ظله الداكن الذي لا يفارقه أبدًا، فهما معًا منذ الطفولة، لكن مشاعر الحسد كانت تنتاب الظل كثيرًا بسبب حب الجميع للأرنب الذهبي، وتمنى لو كان هو محط الاهتمام بدلًا عنه، حتى بدأ يعتقد أن وجوده ليس مهما بالنسبة إلى صديقه أو الآخرين، وفكر كثيرًا في إيجاد حل ما، لكن التردد جعله يخاف تجربة أي شيء، وفضل الاستسلام والهروب؛ لذا قرر ذات يوم أن يبتعد عن صديقه الأرنب، معتقدًا أنه إذا اختفى ربما سيلاحظه الآخرون أكثر، لكن الأرنب الذهبي بدأ يشعر بالوحدة والخوف بدون ظله، فالظل كان دائمًا ما يحميه، ويشاركه الأوقات السعيدة، يستمع له، يتنزه معه، ويرافقه أينما حل. راح الأرنب يبحث عن ظله الهارب ولكن يا للأسف من دون جدوى، حتى رأى أطفال الغابة أن الأرنب الذهبي أصبح وحيدًا وحزينًا من دون ظله، فقرروا البحث عنه. وبعد وقت طويل وجدوا الظل الحزين في قرية بعيدة وهو يكاد أن يختفي بسبب بعده عن صاحبه، فنصحوه بالعودة إلى صديقه ليعود قويًا مثل السابق. عاد الظل فاحتضنه الأرنب الذهبي فرحًا برؤيته، وقال: أنت جزء مني يا صديقي، ولا يمكنني العيش بدونك، فعرف الظل قيمة وجوده ووجود الأصدقاء، وأن الجمال الحقيقي ليس في المظهر، بل في الأعماق وفي العلاقات التي نبنيها، وأن كل من في الغابة يحمل قيمة خاصة، وأن الحسد لا يجلب سوى الحزن والوحدة والخسران.