على أعتاب السواتر

زهراء سالم الجبوريّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 86

على أعتاب السواتر يسابقون الموت ليصلوا إليه، وقلوبهم كالنجوم، جعلوها رجومًا للشياطين التي تقتحم جدران الوطن في وحشة الليل على غفلة منهم، لا محالة من فنائهم، ولا بديل لموتهم القادم على أيدي أبابيل الحشد، فالنصر المسطور بدمائهم على قارعة الفوز، والأقدام الحافية في كل آن تقص أخبارهم على مسامع الطرقات الحزينة، فالأرض أصغر من رصاصة اخترقت صدر شهيد وهو في العاشرة من عمره، لم ينس الطريق إلى الحرب، فما تزال البندقية التي في يده تحصد الرؤوس، يستبق النصر، ومن أمامه الساتر شاهد عيان، يدونه برماله المتزينة بحباتها الحمراء المنبعثة من مواضع جسده المختلفة، وتضع نقطة من آخر حبة في آخر كلمة من العبارة: (خط الإباء بدماء الشهداء)، والعدو في إحداثياته الغريبة يحاول عبور الأماكن من جهاتها المحصنة بالقلوب، عليهم أن يحنوا رؤوسهم للحشد المنتصر الذي شاء الله أن لا ينكسر، وأن يبصروا ويدركوا أنه حشد قوي صارم متمسك بنداء مرجعيته، فما يزال العدو عالقًا في حنجرة الخسران، ومهازل انتكاساته لم تنته بعد، فلتصعد أرواحهم البائسة رويدًا إلى جهنم، فقد ذاع صيت الهزيمة، ولم يبق منها غير العبرة عندما فروا في المرة الأخيرة من غير أقدام، لا وقت لهم كي يفقهوا أحكام الهروب، والسواتر تجاهر بالغلبة عليهم ويعلو صوتها وهي ترتل: (إن الحشد لبالمرصاد)، و(نصر الفجر كان مشهودًا)، وإبليس هناك يبصر الأعداء وهو متكئ على عرشه، يشير إليهم بسخرية: أنتم معي في درجتي، لقد اعتلى الندم صهوة وجوههم الكاحلة في محاضرة البراءة منهم واللعنة عليهم، والحشد على أجنحة الضوء الأبيض يحط في انزواء الظفر، يلملم بدمائه جسد هذا الوطن الممزق كجسد الحسين (عليه السلام)، وانكسار طيفه في زوايا الظلام كفجر قدم ليعيد ترتيب الصباح الذي كاد أن ينطفئ في عين الحياة.