السيدة الرسالية
كانت الخطبة عند العرب هي الوسيلة الإعلامية التي لها الأثر الكبير في نفوس المتلقين، والعرب بدورهم احترموا وكرموا من يلقيها لتأثيرها الكبير فيهم، ولا يخفى على المؤمن المتبحر في محيط سيرة سيدة نساء العالمين (عليها السلام) أنها ألقت خطبتها ذات المضامين العالية التي حيرت ذوي الأفهام هي بحد ذاتها معجزة خالدة، وآية باهرة تدل على عظمة الدين الإسلامي، ومتانة حجته، فمولاتنا الزهراء (عليها السلام) حجة الله على خلقه التي ما إن رأت كتاب الله تعالى لا يعمل به، خرجت ثائرة تصدح بصوتها الملكوتي لترجع الحق المغتصب إلى صاحبه، وتنصر إمام زمانها؛ لأن تقاعس الأمة عن نصرة الحق ومهادنة الباطل، يعني تلاشي الدين، وضياع الإسلام الذي بلغه النبي (صلى الله عليه وآله) على مدى (23) عامًا، فصدعت بخطبة ارتجالية مبلغةً رسالة الله، آمرةً بالمعروف وناهيةً عن المنكر. لقد أطلت مولاتنا الزهراء (عليها السلام) بنورها على الوجود فملأته عطرًا وطهرًا، ولدت فامتلأ قلب نبي الرحمة فرحًا وسرورًا، وقد جعلها الله سبحانه قدوةً للعالمين، فلتعاهد المرأة نفسها على أن تجعل من سيرتها (عليها السلام) منارًا يرشدها في التعامل الصحيح مع المحيطين بها، فتكون سندًا وعضدًا لزوجها، تخفف عنه آلامه وتزيح همومه، فقد فتحت (عليها السلام) لنا باب العلم، وكيف ندرك عظيم المسؤولية وحجم التأثير الذي نحمله، وهذا يكون أولًا مع إمام زماننا، مثلما فعلت هي مع إمامها وزوجها، وكيف قضت شهيدة في سبيل نصرته، فيمكننا أن نكون في خدمة إمام زماننا وننصره، ونعد جيلًا مهدويًا متلهفًا لنصرة إمام زمانه.