لا تستقلي فعل الخير

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 283

يجب على الإنسان أن لا يستهين بفعل الخير مهما كان حجمه، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "زد في اصطناع المعروف، وأكثر من إسداء الإحسان؛ فإنه أبقى ذخرًا وأجمل ذكرًا"(1)، فالرواية تحث على كثرة فعل الخير واصطناع المعروف، لكن قد لا يوفق بعض الناس لذلك، فلا يكثر من فعل الخير والمعروف، ومع ذلك فلا يقال له: هذا نهاية المطاف وانتهى السباق، فهناك روايات عديدة تفتح بابًا من أبواب الأمل، فإن لم يفعل المرء الكثير من الخير فلا ينبغي أن يفوته القليل من فعله، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "لا تستقل ما يتقرب به إلى الله (عز وجل) ولو بشق تمرة"(2)، فأحيانًا يفوت الإنسان فعل الخير البسيط الذي لا يحتاج إلى جهد بسبب نظرة خاطئة، وهذه النظرة تتلخص باستصغار القليل من فعل الخير، كاستصغار ثوابه، واستصغار آثاره، والنتيجة هي احتقار بعض مصاديقه، لذلك جاءت الروايات تنهى عن احتقار شيء من الخير ولو كان صغيرًا؛ لأن الاستصغار والاحتقار يؤدي إلى ترك فعله، وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئًا، فإن صغيره كبير، وقليله كثير، ولا يقولن أحدكم إن أحدًا أولى بفعل الخير مني، فيكون والله كذلك، إن للخير والشر أهلًا، فما تركتموه منهما، كفاكموه أهله"(3)، فالرواية الشريفة تشير إلى عدة أمور، منها: أولًا: تأمر بفعل الخير، وتنهى عن احتقار أي مصداق من مصاديقه. ثانيًا: تبين العلة؛ فربما يكون العمل صغيرًا وقليلًا بنظر العبد، لكنه عند الله كبير وكثير، بخاصة إذا كان لمرضاته تعالى وخالصًا لوجهه الكريم، فعن الصادق (عليه السلام) أنه قال: "لقد كان علي بن الحسين (عليه السلام) يمر على المدرة في وسط الطريق، فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق"(4)، وفي حياتنا أمثلة كثيرة، فالدنيا مضمار سباق، ولا ينبغي أن يقول أحد: هناك من هو أولى مني بفعل الخير، بل عليه أن يساعد، ويتصدق، فمن سابق إلى فعل الخير فهو الأفضل؛ لأنه صار أهلًا لهذا التوفيق، ولائقًا لشرف الخدمة. ................... (1) الخير والبركة في الكتاب والسنة: ص65. (2) ميزان الحكمة: ج3، ص1818. (3) بحار الأنوار: ج86، ص190. (4) المصدر نفسه: ج72، ص50.