المرأة بين الأمومة والوظيفة

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 195

في ظل تطورات الزمن والتغيرات التي طرأت على الواقع المعيشي للمجتمعات حتى بات أغلب الناس في القرن الواحد والعشرين يعملون في وظائف قد تستغرق ساعات طويلة من يومهم، منهم المرأة الأم التي تبذل الجهد حتى توفق بين وظيفتها ومسؤوليتها تجاه أولادها، لكن هل يكتفي الأطفال بوجود أمهاتهم لوقت محدود في أثناء يومهم؟ فأغلب الأمهات الموظفات بخاصة في مجال الطب يصرفن أكثر وقتهن في العمل كي يضمن حياة مادية مستقرة أكثر، وهل يحتاج الأطفال في سنينهم الأولى إلى وجود أمهم إلى جانبهم، أم سيتركز في ذهنهم تعبها في العمل لتوفر ظروفًا ماديةً مرفهة للعائلة أم عدم وجودها بقربهم؟ فالإجازة التي تمنحها الدوائر للأم من أجل الولادة أقصاها عام واحد، فهل بعد بلوغ الطفل سنته الأولى تقل حاجته إلى أمه؟ استطلعنا الآراء بشأن هذا الموضوع بطرح السؤال الآتي: هل يؤثر عمل المرأة في وظيفة ما في أداء مسؤوليتها بوصفها أما، بخاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل؟ فأجابت الكاتبة حنان حازم/ ربة بيت: تعددت مسؤوليات المرأة في الحياة بشكل عام في وقتنا الحالي، وقد يتحتم عليها أن تعمل وفقًا لظروف المعيشة، وإلا لما اختارت أن تكون أما موظفة صاحبة عمل حر أو أكثر مثل ما نرى ونسمع عن النساء الناجحات، حيث يكمن نجاح المرأة في إدارة بيتها من جهة وأعمالها من جهة أخرى، وذلك عن طريق تنظيم الوقت، وما دامت الأم واعية لما يدور حولها، ومثابرة على إتمام مهامها بصورة صحيحة وفي حينه بلا تأجيل أو تسويف، فلا يمكن أن تؤثر الوظيفة أو أي عمل ثانوي آخر يمكن إنجازه من داخل المنزل في مسؤوليتها بصفتها أما، حتى إذا كان العمل يشغل أكثر من نصف يومها، فقليل من الوقت قد يكون كافيًا لمتابعة الأولاد وجمعهم وسؤالهم عن أحوالهم ويومهم المدرسي وإلى ما يحتاجون إليه وما الذي ينقصهم، لاسيما إذا كانت قد علمتهم منذ الصغر على تحمل مسؤولية أنفسهم كالحفاظ على النظافة الشخصية ونظافة المكان الموجودون فيه، ومساعدتها ومساعدة بعضهم، فالمرأة الأم هي إمرأة ناجحة قبل أن تكون شيئًا آخر، فهناك من تبقى قوية وصامدة مهما ازداد عليها العبء، وهناك من ليست لديها الطاقة الكافية، وقد تكون خائرة القوى فلن تستطيع تحمل غير كونها أما وربة منزل، وعلى المرأة اختبار مدى قوتها وقابليتها، وبناءً على النتيجة سيكون الجواب. أما الشاعرة والمعلمة وفاء أحمد الطويل من القطيف، فقالت: عمل الأم ما له، وما عليه: برأيي أن عمل المرأة ضروري جدًا وله إيجابيات حين تحكمه الضوابط، فالمرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربي النصف الآخر، وتقع على عاتقها مسؤولية خلق التوازن بين هذا وذاك، فوجودها في ميادين العمل له ميزات كثيرة، إذ يضمن لها ولأسرتها استقرارًا ماليًا واجتماعيًا، ويساعدها على تنمية مواهبها وتطوير شخصيتها ومهاراتها، وتحقيق أهدافها، وأحيانًا يكون العمل ضروريًا للمرأة حينما تكون العائل الوحيد لأسرتها، وهناك مجالات تستدعي وجودها، كالطب، والتمريض، ومجال التربية والتعليم، فاشتغالها بهذه المهن يساعدها في الحصول على رعاية ملائمة لطبيعتها، وكأي شيء آخر، إن لعمل المرأة خارج المنزل سلبيات مثلما له إيجابيات، فغيابها الطويل وعدم وجودها بالقدر الكافي مع أطفالها وأفراد أسرتها قد يؤثر في التوازن الأسري، وفي سلوك أطفالها ونفسياتهم، مثلما أنه يزيد من الضغط عليها بسبب كثرة العمل داخل المنزل وخارجه، وعدم الحصول على الراحة الكافية؛ لذلك بنظري أن العمل المناسب للمرأة حقا هو مجال التربية والتعليم، حيث إن ساعات العمل تكون قصيرة، وغالبًا ما يكون الأطفال في مدارسهم في أثناء غياب الأم عن المنزل. وأجابت المهندسة آلاء السعدي/ موظفة في دائرة الطرق والجسور، قائلة: الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل، منها طبيعة عمل المرأة، وساعات العمل، وعمر الأطفال، وهل يوجد من يعينها على تربيتهم وعلى إدارة المنزل، أم أن عبء التربية يقع على عاتقها وحدها؟ فالأطفال في السنوات الأولى من أعمارهم يحتاجون إلى مزيد من الرعاية والاهتمام، فإذا كانت الأم موظفة في دائرة ما، فلابد من أن تنتبه إلى أمر مهم، ألا وهو مساعدة الزوج لها، وهل يشجعها على عملها أم لا؟ لأنه سيكون عنصرًا مهمًا في دعمها، سواء في العمل داخل البيت أو خارجه، ومما يساعدها أيضًا هو امتلاكها للطاقة الجسدية والنفسية لتحمل أعباء الوظيفة إضافة إلى رعاية الأولاد وتربيتهم مع عمل المنزل، فكل هذه العوامل تكون مؤثرة بنسبة ما، وتكون متفاوتة من عائلة إلى عائلة، ومن سيدة إلى أخری. وقال حسين أكبر/ استشاري تربوي وأسري من الكويت: الأم عندما تعمل في وظيفة ما فإنها ستبذل جهدًا في العمل، ولما تعود إلى المنزل، فغالبًا ما يقل نشاطها، ومن ثم يقل عطاؤها مع الأطفال، إضافة إلى أن في الوقت الذي تقضيه خارج المنزل من سيتولى رعاية الأبناء حينها؟ فقد يترك الطفل عند شخص آخر كالخادمة مثلًا، وغالبًا ما تكون قليلة الوعي بتربية الطفل، بل بعضهن قد يفسد الأطفال تربويًا بإدخال قيم غريبة عن ديننا وثقافتنا، فتارة تضطر المرأة إلى العمل خارج المنزل، فيجب عليها أن توازن بين عملها وبين الاهتمام بأطفالها، وتحرص على توفير الرعاية اللازمة لهم في أثناء غيابها فضلًا عن الرقابة، وباختصار أن وظيفة الأمومة هي من أعظم الوظائف للمرأة، ويجب عدم التفريط بها. إن للأم الأثر الأكبر في نفوس أولادها، فهي تمثل مصدر الأمان والحنان لهم، بخاصة في سنينهم الأولى؛ لذا نرى الطفل متعلقًا بها، يخاف الابتعاد عنها حتى للحظات، وعندما يكبر فيظل بحاجة إلى عطفها وحنانها، ووجودها إلى جانبه، فمهمتها كبيرة وصعبة، وإن كانت موظفة فعليها أن توازن بين عملها وبين مهمتها الأساسية في الحياة، ألا وهي الأمومة؛ كي ينمو أطفالها بشكل سليم.