ابنتي والسفر
بنيتي ونور عيني: يا رزقي الجميل الذي ساقه ربي إلي من دون سعي مني، يا باب الخير الذي فتحه برحمته ليسعدني ويرحمني، يا من دخلت عالمي الصغير فأنرته، وخطوت بجوار حزني فمحوته، ومنحت أيامي لونًا جميلًا لطالما تمنيته ورغبت به. جوهرتي الغالية: قد تسافرين وتبتعدين عن بيتك وأسرتك في رحلة عمرك للدراسة، أو للعمل، أو لأي ظرف آخر، فتذكري جيدًا ملامح وجه والدتك، وبهاء شيبة والدك، واحرصي على أن تجلبي لهما الرحمة، وتجعلي من يراك يدعو لمن رباك، فالسفر يا عزيزتي ميزان الأخلاق، والكاشف عما يحمله المرء من ملكات راسخة في الأعماق، فاحرصي على إظهار ما يكتنزه باطنك في رحلتك، والتزمي بما سأوصيك به؛ لتنالي أجر برك، وتفوزي بألطاف سفرك. وتزودي بهذه الوصايا في رحلتك: 1ـ اختاري الأماكن الآمنة البعيدة عن المعصية، فكري مليًا عزيزتي قبل أن تتخذي قرار السفر في مدى سلامة المكان، وخلوه من مظاهر الانحراف، وابتعدي عن الأماكن التي تعج بالمنكرات، وتهون في عيون مرتاديها ارتكاب المحرمات، وتسلب صفاء الروح، وتكدر نقاء الباطن. 2ـ ليكن سفرك بابًا ومنطلقًا للتعلم واكتساب الخبرة، وإثراء جوانب المعرفة، فاجعلي من كل مشهد ترينه في سفرك، محطةً للتأمل والتفكر والاتعاظ. 3ـ افتخري بانتمائك إلى الإسلام وأهل البيت (عليهم السلام)، واحرصي على عكس الصورة المشرقة لمنهجهم المبارك، واعتزي بمظهرك، وحشمتك، وفكرك، وثقافتك، واحذري من أي شيء يزعزع مبادئك أو يمسخ هويتك. 4ـ إن نزلت في سفرك سواء كنت لوحدك أو مع أسرتك في بيتٍ من بيوت أقاربك، فاحرصي على أن تكوني خفيفة الظل، يسيرة المؤونة، واهتمي بنظافة المكان الذي يمنحونك إياه، وعليك بمداراة من حولك، فلا تفرضي عليهم قناعاتك وأفكارك، واعتمدي على نفسك في تلبية احتياجاتك، ولا تثقلي عليهم بطلباتك، وإن كنت برفقة أطفالك فعلميهم آداب الزيارة وفن التعامل، وإن خرجت من بيت مضيفيك فأكثري من شكرهم، وأعربي عن سعادتك بالأيام التي قضيتها بينهم، وانشري فضلهم وجميل ما رأيت منهم، وإياك ونقل أي أمر سيئ رأيته عندهم. وأخيرًا، أوصيك بحسن الاستثمار للوقت، وجبر التقصير الذي قد يحدث منك أيام انشغالك بالعمل والبيت، ففي السفر ستجدين فرصًا رائعةً، لاسيما في الطريق حيث المسافات الطويلة؛ لذا ليكن مصحفك رفيق سفرك، ولتكن بعض التطبيقات النافعة كمفاتيح الجنان، والصحيفة السجادية أهم ما يحويه هاتفك، ولا تنسي في كل ذلك والديك من طيب دعواتك.