رياض الزهراء العدد 202 طفلك مرآتك
في الحفرة نجار
في خطوات متثاقلة كالعادة، عاد النجار إلى منزله في الغابة متعبًا، لكن هذه المرة داهمه الليل فرجع متأخرًا وسط الظلام، وبينما هو كذلك إذ انزلقت قدمه بالطين ليسقط في حفرة عميقة نصبها أحد الصيادين لطرائده. فظل يئن من الألم، ويصيح في الظلمة من دون أن يسمعه أحد، حتى حل الصباح وهو على هذه الحال، فلا أهله يعلمون بمكان اختفائه، ولا من أحد يمشي هنا من سكان القرية بعد غروب الشمس. وحينما طلع الفجر وبدأت الشمس بالبزوغ، فتح عينيه آملًا قدوم أحدهم، فسمع صوت وقع أقدام توقفت فجأة، يبدو أنهم أطفال متجهون إلى المدرسة، فسمعوا صراخ الرجل. ـ فصاح أكبرهم: من هناك؟ ـ أجاب النجار: أنا، أنا هنا، لقد سقطت في هذه الحفرة. ـ أردف الأوسط: وكيف سقطت يا عم؟ ـ انزلقت قدمي وأنا أمشي في الظلمة، أخرجوني رجاءً. ـ واستفسر ثالثهم: كيف يمكننا إخراجك؟ هذا الأمر صعب جدًا. النجار: مدوا لي عصًا واسحبوها لأصعد. مد الأطفال الصغار عصًا متهالكة للرجل كانت مرمية في الغابة، لكنها انكسرت في أول محاولة له بالصعود، ولم يتمكنوا من مساعدته على الخروج، فقرر الإخوة التفكير بحنكة وسرعة لإيجاد حل مناسب، فالمدينة بعيدة عنهم، والذهاب إلى القرية أصعب؛ لذا تفرقوا للبحث عن أي شيء قد يسهل عليهم مهمتهم. التقط أحدهم حبلًا متدليًا من إحدى الأشجار، وأحضر الآخر قطعة خشب ربطها بالحبل، وجاء الثالث بعصًا صغيرة كالوتد فرماها إلى النجار ليتشبث بها حين يتسلق الحفرة. تمسك الأطفال الثلاثة بالحبل وربطوا الخشبة بجذع شجرة، ولفوها حولها مرة بعد أخرى حتى أنقذوا النجار من المأزق، ولم ينتهوا عند هذا الحد، بل تعاونوا على طمر الحفرة بالتراب خشية أن يقع فيها أحد آخر، وبتعاونهم وتفانيهم في فعل الخير أصبحت قصتهم حديث القرية كلها.