رياض الزهراء العدد 78 كيف تكونين مثلها؟
خِيرَةُ النِّساء
هي السيدة آمنة بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، أمّها الرباب بنت امرؤ القيس، لُقّبت بسكينة؛ لسكونها وهدوئها، درجت في بيوت أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه، بيت لطالما نزلت فيه الأملاك والوحي، في كلّ أركانه تجد لذة القران وتراتيله، والحناجر المقدسة تترنم بالدعاء ليلَ نهارَ، والعروج إلى ملكوت السماوات كان من عادة أهل هذا البيت النبويّ العلويّ الفاطميّ، وابنة النبوة "السيدة سكينة" بلغت من عظيم مجاهدة النفس إلى حدّ لم يبقَ لها نزوع إلا إلى صقع القداسة والاندفاع إلى مركز الفناء في الله(عزّ وجل)، وكانت من اللاتي شغلتهنّ الآخرة عن الأولى، فلا يرينَ لغير المولى تعالت آلاؤه كياناً يجلب النظر إليه ولا إلى معاشرةَ مَن ليست هي مثلها في السلوك والرياضة. ومن أجل ذلك أخذت بمجامع قلب أبيها، وزاد حنوه عليها حتى استحقت أن يصفها المعصوم بخيرة النساء، لمّا وقف عليها يوم الطف ورآها منحازة عن النسوة باكية نادبة، فقال(عليه السلام): لا تَحرقي قلبي بدمعِكِ حسرةً مادام منّي الروحُ في الجثمانِ فإذا قُتلتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينَهُ يا خِيرَةَ النسوانِ حضرت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) واقعة الطف، ورأت ما جرى فيها من أهوال يشيب لها رأس الرضيع، وتعرّضت للسبي والأهوال، وظلت تعاني ما تعانيه وهي ترى الديار خالية من أهلها لم يبقَ لهم إلا الإمام السجاد (عليه السلام) الذي لم يزل ليله ونهاره باكيَ العين على سيّد الشهداء (عليه السلام)، والسيدة سكينة في هذا البيت المفعم بالحزن والشجاء وفي مسامعها نشيج أخيها فتشاركه بالزفرة وتواسيه بالعَبَرات إلى أن لحقت بالرفيق الأعلى في المدينة في الخامس من شهر ربيع الأول سنة (117)هـ. .............................. بتصرف من كتاب/ السيدة سكينة للسيد عبد الرزاق المقرم، ص43.